يبدو واضحا أن كاتب تقرير البنك الدّولي حول الوضع الاقتصادي بالجزائر، لم يمارس أيّ شيء يدلّ على خبرته، وإنّما اشتغل على نوع (علميّ!!) قديم يسمى “قراءة الفنجان”. ولقد بدا واضحا – من خلال سطوره - أن (عفاريته) خانته، فلم يأت بشيء ذي بال، وإنّما ركّز على الصيغ البلاغية والمحسّنات البديعية، وحرص على تكرار ما يرغب في تمريره وفق استراتيجية لم يعد يعتمدها سوى (مدّاحي الأسواق)..
طبعا، لم يكن في إمكان خبير البنك الدّولي أن يتجاوز “الجائحة” ولا “انهيار أسعار النفط”، وهذه كان لها أثرها الواضح على جميع الدّول. لكنّه لم يلاحظ، كمثل خبراء صندوق النقد الدّولي، أن الجزائر عرفت كيف تتجاوز الصعب، وأنّها تمكّنت من الحفاظ على نموّ اقتصادها، مع وضع ميكانيزمات فعالة للتخلص من اقتصاد الرّيع، والتوجّه نحو نموذج اقتصادي جديد في زمن قياسي، دون أن ترضخ للجائحة ولا لـ “الجيّاح”..
ولسنا نعلم ما الذي فرض على (سي الكاتب) غضّ الطرف على المنجز الجزائري، إذ يكفي – على سبيل المثال - الاعتراف بأن الجزائر بلد بلا ديون، حتى تنهار الصيغ البلاغية جميعها، ويرى كل قارئ للتقرير أن الزلزال الحقيقي إنّما ضرب بعض “القلوب المريضة” التي تعوّدت على تخليف كل انشغالاتها ومشاكلها وراء ظهرها، كي تموت بـ«قنطة” الجزائر؛ وعلى هذا، لا نرى من سبب وجيه للسقوط في عفن صناعة التقارير، سوى “القنوط” الذي أصاب بعضهم..
على كل حال، لا يحتاج تقرير البنك الدولي إلى تفنيد، فهو يفنّد نفسه، ويشرح نفسية الصعلوك الذي يقف وراءه، بل إنه فوق هذا، يعتبر برهانا على أن الجزائر اختارت السبيل القويم من أجل بناء اقتصادي قويّ.. وهذا يخيف جميع الصعاليك الذين تعوّدوا العيش على بيع الذّمم..