لم يكن خطأً التزام الحذر تجاه تقارير مؤسسات مالية دولية، لطالما وزعت نصائح وتوصيات تدّعي أنها ترافق مسار الإصلاحات، فانطبق عليها قول “كذبوا ولو صدقوا”.
آخر إبداعات المكر التي صدرت عن البنك الدولي في تقييمه للوضع الاقتصادي لبلادنا، تؤكد مدى انحياز هذه الهيئة وانخراطها في مسار متناقض مع الحقائق، منتهجة أسلوبا لا ينطلي على خبراء ومتابعين محايدين، بالنظر للهوة البارزة بين معطيات تقرير مُعدّ تحت الطلب ومؤشرات المشهد الاقتصادي الوطني.
من أين استقى خبراء البنك الدولي بياناتهم؟ وهي بعيدة عن الواقع. ولخدمة من أعدّوا تقريرهم المفضوح ومن هويتهم أصلا؟، في وقت يمكن الوصول إلى كل البيانات من مصادرها، دون تأويل أو “فهامة زائدة”، ظاهر أنها تلبية لخدمة جهات تزعجها العودة الهادئة للجزائر على الساحة.
لماذا يقفز خبراء هيئة بثقل عالمي على معطيات ماثلة للعيان، ما يثير التحفّظ على خلاصتهم الملغومة، بعد أن تبيّن احترافهم التلاعب بالأرقام وتوظيفها غير البريء، متجاهلين، وهم خبراء “بامتياز”، مؤشرات ما فتئت تتحسن، بالرغم من تداعيات مرهقة لأزمة اقتصادية وصحية عصفت بالعالم كلّه، بما في ذلك بلدان قوية انهارت كالورق أمام الفيروس اللعين.
هذه الممارسات، التقارير الظرفية، التي تحمل بصمات عدائية، يعلم محرروها أنها مزيفة وتقود إلى نتائج معلومة مسبقا، تستهدف الجزائر كبلد ناشئ، يقاوم الأزمة الاقتصادية والصحية، تماما كما قاوم بالأمس شروط صندوق النقد الدولي والإرهاب الذي أعقب تطبيق مخطط الإصلاح الهيكلي.
عناوين كبرى تسحب أدنى مصداقية للبنك الدولي ولا يمكن لعاقل أن يتجاوزها، من استقرار سياسي ومؤسساتي، يتعزز نحو الحوكمة إلى تدعيم التوازنات الكبرى، مع الحدّ من تآكل احتياطي الصرف بالعملة الصعبة وكبح عجز الميزان التجاري، مرورا بمواجهة مفتوحة مع جائحة كوفيد-19، واضعة كل الموارد والإمكانات المادية والمالية والبشرية في خندق معركة عجزت فيها قوى كبرى.
والذي أخلط حساباتهم، القرار السيادي برفض الاستدانة الخارجية؛ مسألة يعرف منظرو الاستعمار الجديد- القديم دلالاته للأجيال التي تشد بالنواجذ على مكسب السيادة الوطنية وعدم الوقوع فريسة بين مخالب مصاصي دماء الشعوب.