إذا كان المثل الإنجليزي يقول: «الوقت هو المال»، وإذا كانت الحضارة الغربية ترى أن الوقت هو الحياة، فإن مالك بن نبي يرى أن الوقت أغلى من المال ثمنا وأبعد معنى وعمقا، فعرفه: «الوقت هو الحضارة»! لأنه قيمة نفسية لا يمكن شراؤه أو بيعه، تأجيره أو استعارته، مضاعفته أو توفيره، أو إنتاجه بواسطة التصنيع..
وعبّر ابن نبي عن قيمة الزمن في حياة الفرد والشعوب بشكل جد مفيد قائلا: «…إن الزمن نهر قديم يعبر العالم، ويروي في أربع وعشرين ساعة الرقعة التي تعيش فيها كل الشعوب، والحقل الذي يعمل به، ولكن هذه الساعات التي تصبح تاريخا هنا وهناك، قد تصير عدما إذا مرت فوق رؤوس لا تسمع خريرها».
فحقيقة مقولة ابن نبي تتجلى معانيها ويتضح مفهومها في أن رأس مال الإنسان الحقيقي هو الوقت. لكن المتمعن اليوم في واقعنا، يرى أن الوقت أصبح لا قيمة له في واقعنا، بل أن هناك من أصبح يردد المقولة الشهيرة بالعامية «نضيع شوية وقت قبل الفطور» أو «نقتل الوقت..»، وا أسفاه...!.
إن المتتبع اليوم لواقع ولحال مشاريعنا، يتضح له جليا أن الوقت بات لا قيمة له عندنا، وإلا كيف نفسر التماطل والتأخر وعدم احترام الآجال المحددة في إنجاز مشاريع في بلادنا، بل إن هذه العدوى انتقلت إلى بعض الشركات الأجنبية التي كلفت بإنجاز بعض المشاريع هنا في الجزائر. ولعل مشروع المسجد الأعظم، الذي كان من المفروض أن يدشن قبل سنوات، خير مثال على ذلك... بالإضافة الى مشاريع إنشاء وتشييد بعض الملاعب والمرافق الرياضية في بلانا، كملعب براقي وملعب تيزي وزو والدويرة... وبعض المرافق الرياضية في مدينة وهران، والتي كان من المفروض أن تحتضن مطلع هذا العام دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط.. ومن حسن الحظ أنها تأجلت إلى العام القادم بسبب جائحة كورونا، وإلا لوجدنا أنفسنا في حرج أمات البلدان المشاركة في الدورة، بسبب عدم اكتمال بعض المشاريع والسبب هو عدم احترام الآجال في إنجاز المشاريع وهنا تكمن قيمة الوقت.