الإنسان أكبر استثمار تخوضه الدول، بل هو عند البعض منها المشروع الذي لا يخسر وحجر أساس صناعة المستقبل، أما الشباب فقوته الضاربة في توجيهها بطريقة الصحيحة. ولعل ما قدمه شباب المنتخب الوطني للمحليين يعطينا صورة واضحة عما تحققه الخلطة السحرية لعقيدة النصر التي زرعت في قلب كل جزائري تشربها من أجيال متعاقبة زينت بطولاتهم صفحات تاريخ الإنسانية على مر العصور.
على مدار ما يقارب 20 يوما، نافس شباب المنتخب الوطني للمحليين على الكأس العربية بشراسة وقوة، شغلوا مختلف مواقع التواصل الاجتماعي والبلاتوهات الرياضية، بل تساءل الكثير من المحللين عن الروح التي يلعبون بها، فكانت إجابة أحدهم بقوله إن “اللاعب الجزائري يلعب لينتصر، لتعوّد الانتصار لدرجة أنه لا يقبل بأقله”، فالنصر أصبح عندهم اعتقادا راسخا، زادهم وقوف ودعم ومرافقة الدولة لهم إصرارا وإلحاحا على المضي نحو مستقبل تصنع تفاصيله معادلة الثقة أحد طرفيها شباب آمن بقدراته وآخر هو دولة آمنت بقدرتهم على تحقيق الهدف المنشود.
هو درس ميداني وتطبيقي عنوانه جزائر زرعت في شبابها الثقة في قدراتهم فكانوا رأس حربة لصناعة النصر. فالمرافقة - إن وجدت - تجعل من المستحيل يتحقق، فلن يسمحوا لأيّ كان، مهما كان موقعه أو صفته، بالوقوف حائلا أمام النجاح. لن نخوض في مباريات “كرة قدم”، بل سنتحدث عما وراء منتخب استطاع إدراك معنى القوة الساكنة داخله، سنتحدث عن مرافقة سمحت بتحويل الحلم إلى واقع معيش، بل أخرجت الجزائر كمنتخب من خانة “اللقمة السائغة” إلى خانة أقوياء بلا هزيمة.
تكاتف الجهود واتحادها من أجل الجزائر إذاً ستكون نتيجته الوحيدة، كما رأينا في 2019 و2021، هي العِظة التي يصنعها الإنسان عندما يجد من يثمّنه كقوة تفوق شدتها أي قوة أخرى. لذلك كان لابد من استيعاب درس المنتخب المحلي كأنموذج ناجح للدعم والمرافقة واختيار الأفضل ليمثل الألوان الوطنية، بعيدا عن المحاباة. ولعل تركيز رئيس الجمهورية منذ توليه سدة الحكم على الكفاءات الشابة في مختلف أماكن تواجدها وإصراره الدائم على دعمها ومرافقتها، دليل قاطع على رؤية واضحة وحقيقية لطريق التجديد والتغيير لبنتها الأولى شباب هو قوة لا تقهر بالتثمين والمرافقة.