بعدما أخذت مؤشرات تعافي الاقتصاد العالمي من آثار وتداعيات جائحة كورونا تلوّح في الأفق، وبدأت البشرية تستبشر خيرا بقرب تجاوز كابوس الوباء الذي أسكن الرعب في المعمورة، عادت المخاوف مع المتحور الجديد لتسكن الأفئدة وتهزّ القلوب خشية حدوث انتكاسة للاقتصاد العالمي و ما لذلك من ارتدادات على المستوى المعيشي للناس، حيث باتت كثير من الشعوب تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة.
في مثل هذا الشهر من 2019 استيقظ العالم على كارثة وبائية بدأت تنسج فصولها المأساوية من يوهان الصينية، وأخذ الفيروس اللعين يخترق الحدود و»يغزو» الدول الغنية قبل الفقيرة ولا سلاح هزمه، ولا أحد استطاع إيجاد العلاج الشافي، فكان المخرج الوحيد المتوفّر، هو الاعتماد على إجراءات وقائية توزعت بين ارتداء الأقنعة واستعمال المعقمات، واعتماد الإغلاق بالرغم من الثمن الباهظ الذي يكلفه.
وبين مدّ وجزر، وأرقام تتصاعد للضحايا و المصابين، أمضت المعمورة أياما وأشهرا تقاوم و تتحدّى إلى أن خرجت مخابر الدواء العالمية بالخبر المعجزة وأعلنت اكتشاف «اللقاح القاهر» لكورونا، وأعتقد الجميع بأن الوباء أصبح من الماضي والعودة إلى الحياة الطبيعية باتت ممكنة، وبالفعل قرّرت عديد الدول رفع القيود الصحية التي فرضتها، وعادت عجلة الاقتصاد لتتحرّك من جديد، وبدأ الخبراء يتحدثون بتفاؤل عن التعافي الاقتصادي، ويتوقعون نسبا عالية للنمو، إلى أن حدثت الانتكاسة والصّدمة مرة أخرى مع ظهور المتحور»أوميكرون» الذي قلب كلّ الموازين و أجهض كلّ التكهنات خاصة مع انتشاره السريع و الكبير وإخفاق مختلف اللقاحات في قهره، ليفرض إعادة النظر في مسألة رفع الإغلاق وفرض مزيد من القيود التي ستتسبّب بدون أدنى شكّ في آثار اجتماعية وخيمة، وأضرار واسعة للاقتصاد العالمي.
حالة ترقّب مصحوبة بمخاوف كبيرة تنتاب الاقتصاد العالمي بشأن مدى تأثير المتحور الجديد، الذي بدأت آثاره تنعكس على عدة قطاعات في عدد من الدول، لا سيما قطاع السياحة، مع وقف الرحلات بين بعض الدول. وبالرغم من أن الدول تقاوم الإغلاق الشامل في الوقت الحالي، فإنها بالمقابل تحبس أنفاسها خشية تفاقم الأزمة.