يزداد المشهد السياسي الليبي تعقيدًا حول الخطوة المقبلة للبلاد التي عانت من الصراع المسلح والفوضى على مدار 10 سنوات، إذ لا يزال الغموض يكتنف مصير الانتخابات الرئاسية قبل أسبوع من موعدها المحدد في 24 ديسمبر الجاري، وفي الأثناء بدأت أصوات ترتفع لتأجيل هذا الاستحقاق التاريخي، بينما لا يزال كثيرون يتمسكون بأمل اجتياز هذا الامتحان المصيري في موعده، لأن التأجيل بالنسبة إليهم معناه عودة البلاد إلى المربّع الأول.
يرى مراقبون أنّ الوقت ينفذ والأيام المتبقية للاستحقاق الانتخابي لم تعد تكفي لتنظيم الحملات الدعائية للمرشّحين واستقبال المراقبين الأجانب، بل ويشكّكون في إمكانية إجراء هذا الاستحقاق كما هو مقرر، نهاية هذا الأسبوع، بالنظر إلى الظروف المحيطة بهذا الحدث، لعلّ أهمّها عدم الإعلان عن اللائحة الرسمية النهائية للمرشحين، أي أن الليبيين لا يعرفون حتى الآن أسماء كلّ المتنافسين الذين سيتسابقون على منصب الرئيس، بالإضافة إلى الخلافات السائدة حول بعض المرشحين الذين يعتبرهم كثيرون أنهم كانوا جزءا من الأزمة ويجب إقصاؤهم.
لقد راهن الليبيون كثيرا على انتخابات 24 ديسمبر وهي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، لتتمة العملية السياسية الانتقالية التي رعتها الأمم المتحدة من أجل إخراج ليبيا من الفوضى التي تلت سقوط النظام السابق في 2011، وأخذ نحو 2.5 مليون ناخب يتطلّعون للتوجّه إلى مكاتب الاقتراع، لكن المسافة الفاصلة عن موعد الاقتراع تقلّصت دون أن تتجلى في الميدان التحضيرات اللازمة، فلم تبدأ الحملة الانتخابية بعد، وأرجئ نشر لائحة المرشحين النهائية إلى موعد لم يحدد، ما يجعل حظوظ حصول الاستحقاق في موعده تضمحلّ، ولو أن الحكومة الليبية كررت استعدادها لإجرائه.
في هذه الأجواء والظروف، بات الانطباع السائد أنه لا مفر من إرجاء الانتخابات، لا سيما بعد تأجيل نظيرتها التشريعية التي كان يفترض أن تجري مع الرئاسية، ثم تعرض قانون الانتخابات لانتقادات كثيرة، وصولاً إلى ترشح شخصيات مثيرة للجدل للرئاسة.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون، أنّ «الانتخابات قد تكون مضرة أكثر من كونها مفيدة، بسبب الانقسامات العميقة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي والتي تغذيها التدخلات الخارجية، فحسبهم، ظروف إجراء «انتخابات حرة وعادلة غير متوافرة، فالليبيون منقسمون بشكل أعمق يحول دون قبولهم أو توافقهم على نتائج الانتخابات».
وأمام هذا الغموض الذي يكتنف العملية الانتخابية، مازال الأمل يكتنف الكثير من الليبيين الذين يعتقدون بحتمية تجاوز كل العراقيل وإيصال المسار الانتقالي الى خواتيمه السعيدة.