حدث وحديث

سوريا العائدة

فضيلة دفوس
14 ديسمبر 2021

قبل سنوات قليلة تحوّلت سوريا تحت عنوان «الربيع العربي» إلى كتلة لهب حرقت استقرارها ودمّرت بناها، ودفعت بأبنائها إلى النزوح واللجوء في أمواج بشرية صنعت صورا مأساوية لا تنسى، ولم يغادر المتآمرون درّة الشام ويرفعوا عنها شرّهم وحقدهم إلا بعد أن دمّروها ونسفوا وحدتها وتركوها غارقة في دماء أبنائها تحصي خسائرها وتلملم جراحها وتجمع ما تشتّت وتفرّق من أبناها.
عشر سنوات كاملة حوّلت التدخلات الخارجية بتنسيق وتعاون مع أبناء ضالين، سوريا إلى ساحة حرب كبيرة استقطبت مرتزقة من هنا وإرهابيين من هناك، وسفكت دماء السوريين الذين عاشوا فصلا مروّعا ظنّوه لن ينتهي، لكن هاهو صوت الرّصاص يتراجع وضجيج الحرب يندثر، وهاهي سوريا الجريحة تستعيد هدوءها وتحاول الوقوف على قدميها من جديد.
اليوم لم تعد سوريا تحتلّ المشهد الإعلامي العالمي كما كانت خلال العقد الماضي وها هي تخطو خطوات هامة في طريق كسر الحصار الذي فرضه عليها الأشقاء قبل الأعداء، حتى أن الحديث بدأ يتردّد عن مشاركتها في القمّة العربية القادمة لتكون عودتها إلى الحاضنة العربية عبر بوابة الجزائر، كما بدأت بعض الدول الشقيقة تتراجع عن مقاطعتها، فلأول مرة منذ اندلاع أزمتها الدموية، زار وزير خارجية الإمارات دمشق والتقى الرئيس بشار الأسد وبحث معه العلاقات بين البلدين الشقيقين، وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
وبهذا أصبح وزير الخارجية عبد الله بن زايد آل نهيان المسؤول الإماراتي الأرفع الذي يزور سوريا بعد 10 سنوات على اندلاع الحرب هناك، إذ تتصدّر الإمارات جهود بعض الدول العربية لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، حيث أعادت فتح سفارتها في دمشق قبل ثلاثة أعوام، ودعت في وقت سابق هذا العام إلى عودة سوريا لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية.
وفي سياق ذي صلة، رأت بعض الدول العربية ومن بينها مصر، أن العلاقات مع سوريا يجب أن تستأنف.
 سوريا عائدة قريبا إلى الحضن العربي ما في ذلك شكّ، كما أنها ماضية في اختراق الحصار العالمي مدعومة بمواقف نخب لا تترك فرصة إلاّ وتستغلّها للإشادة بصمود وصبر السوريين والمطالبة بإنهاء معاناتهم من خلال رفع العقوبات الجائرة المفروضة عليهم.
وقد زار سوريا مؤخرا وفد فرنسي يضم نخبة من الكتاب والأدباء والصحفيين والمدونين وقال بدون تردّد «أن الشعب السوري وجيشه وقيادته أثبتوا للعام أجمع أنهم دولة يحتذى بصمودها ونضالها ضد القوى الإمبريالية والاستعمارية وأن انتصارها ليس ملكاً للسوريين فقط بل لكل أحرار العام» وهو قول يختصر قصّة هذه الدّولة التي تعرّضت لأبشع مؤامرة وأشرس عدوان لكنّها تحدّت وصمدت وانتصرت.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024