دون حساب للعواقب، ارتمى النظام المغربي في حضن الصهاينة وانساق وراء رغبتهم الجامحة في ضرب استقرار المنطقة وأمنها، وغاب عنه بأن الشعب المغربي الأصيل الذي نراه اليوم يهزّ شوارع المملكة غضبا وألما، سينتفض ضدّه وسيكفر بقرار التطبيع المهين وبما يشمله من مساومة رخيصة بقضية فلسطين العادلة والغالية.
الصفقة التي عقدها المخزن مع بني صهيون، ومقايضته الاعتراف بإسرائيل مقابل إعلان ترامب المشؤوم، كانت خاسرة بكلّ تأكيد، فما معنى أن يكسب النظام المغربي صداقة الصهاينة ويخسر احترام ومحبّة شعبه، الذي ورغم كلّ الأساليب القمعية الممارسة ضدّه، إلّا انّه عندما بتعلّق الأمر بالدفاع عن كرامته وقضاياه العادلة وعلى رأسها قضيّة فلسطين، فهو لا يهاب سوطا ولا هراوة ولا حتى رصاصا بل على العكس تماما، والدّليل الأمواج البشرية التي تكتسح مختلف المدن المغربية، والحناجر التي ترتفع في كلّ مكان، وبلا خوف ولا تردّد تنادي بسقوط النظام الذي يحكمها وتصفه بأسوأ النعوت، فالجماهير الطلابية المنتقضة، رفعت الخميس شعارات تنادي بسقوط نظام محمد السادس ووصفته بالديكتاتوري مؤكّدة تمسكها بالقضية الفلسطينية ورفض خيانة القضية المركزية للأمة.
ومن أبرز الشعارات التي ميزت انتفاضة الطلبة، والتي نقلتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي: «يا جماهير ثوري ثوري على النظام الديكتاتوري»، «يا جماهير ثوري ثوري على السادس الديكتاتوري»، «مغاربة ماشي أوباش»، «عاش الشعب.. عاش الشعب»، «فلسطين وطنية.. وشعارنا البندقية» و»من أجلك يا فلسطين لازم نشعلها ثورة»، كما حملوا الراية الفلسطينية، مردّدين «رفرف يا علمي يا زينة رايات الأمم».
الشعب المغربي ورغم القمع الذي يواجهه من طرف بوليس المخزن، مصرّ على إسقاط قرار التطبيع، الذي لا يمكنه أن يقدّم شيئا لبلادهم غير اللعنة والمهانة، وبدل الوقوع في فخّ الصهاينة والقبول بالتحوّل إلى خادم لهم، يتمسّك المغاربة بكرامتهم، ويريدون من مخزنهم أن يلتفت إلى الداخل ليبصر كمّ المشاكل والأزمات التي يعيشونها في ظلّ غلاء الغذاء وتدني الظروف المعيشية والانتهاكات الحقوقية.
لكن يبدو أن النظام المغربي مصرّ على سياسة الهروب إلى الأمام وتجاهل الإرادة الشعبية، وهذا السلوك المتعنّت والمتعجرف سيلقي بمملكته إلى الهاوية، وساعتها لن تفيده إسرائيل التي لا تهتمّ إلاّ بمصالحها.