لم يعد هناك مجال للشكّ في أن منطقة شمال إفريقيا والساحل ستكون فضاء لصراعات جديدة يمكن تصنيفها ضمن حروب الجيل الرابع التي تتجاوز في خطورتها لتدمير الأوطان حروب الجيل الثاني والثالث أو الحرب التقليدية التي بدأت تتلاشى ملامحها وأدواتها مع بداية القرن الحالي وبروز جيل جديد أكثر تأثرا بالعالم الرقمي.
مؤشرات تغييرات متسارعة على مستوى إفريقيا عموما وشمالها خصوصا بدأت تبرز مع ما يحدث في بعض البلدان من تحولات عميقة قد لا تشبه تلك التي حدثت في الماضي، لاسيما ما يتعلق بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي كان الحديث عنه محرما في العلن، لكن سرعان ما أصبح موضوعا دسما لمختلف وسائل الإعلام الراغبة في ترسيخ فكرة التطبيع الجديدة القديمة.
وبالرغم من أن التطبيع مع الكيان الصهيوني ليس وليد اليوم في إفريقيا، إذ أن هناك دولا افريقية تقيم علاقات رسمية معه، لكن ذلك كله لأجل مصلحة اقتصادية يقايض بها الكيان الغاصب مع كل من يسعى لتأييد سياسته في الشرق الأوسط على حساب حقوق الشعب الفلسطيني القابع تحت وطأة احتلال عنصري.
لكن سياسة الانبطاح التي وقع فيها نظام المخزن أمام الكيان الصهيوني هي العنوان الأبرز لمرحلة جديدة في شمال أفريقيا، وليس الهدف منها جرّ الرباط الى التطبيع فقط بل الأمر يتعدى ذلك بكثير، لأن نظام المخزن كان يطبع مع الكيان الصهيوني في السر قبل العلن مثلما حدث. وأصبح المغرب الآن هو الدولة العربية الوحيدة التي تقيم علاقات أمنية مع الصهاينة.
في حقيقة الأمر، إن المستهدف صهيونيا هي منطقة المغرب العربي، وأساسا الجزائر التي يُعتبر موقفها رافضاً لكل ما هو اغتصاب للحقّ الفلسطيني المشروع، والتي تمثل أحد أهم التحديات التي تواجه المخططات الإسرائيلية في القارة الأفريقية بشكل عام، وشمال أفريقيا بشكل خاص.