المتتبع لحال الدكاترة المتخرجين من الجامعة الجزائرية في عديد التخصصات، يتضح له أن هناك خلل بنيوي بين التكوين في الدراسات العليا وما بعد التدرج وبين سوق العمل، وإلا كيف يفسر وجود دكاترة يعيشون البطالة المقيتة، فبعد سنوات جد واجتهاد ومثابرة واجتياز مسابقة وطنية للدخول الى الدكتوراه، ثم الشروع في البحث العلمي لفترة لا تقل عن أربع سنوات كحد أدنى قبل المناقشة، ليجد المتخرج نفسه في بطالة مقيتة!.
الدكاترة المتخرجون من الجامعة اليوم، بعد معاناة مع منظومة مريضة، يجدون أنفسهم متحصلين على شهادات عليا في تخصصات ومجالات لا يعرفون ماذا سيفعلون بها، فحتى مناصب التوظيف الشحيحة التي تفتح أحيانا في بعض الجامعات، محسومة مسبقا لأصحابها، كما يقول دكاترة متخرجون أحيلوا على البطالة منذ سنوات من تخرجهم (فمنهم من ناقش أطروحته قبل 3 سنوات ومنهم من ناقشها قبل 5 سنوات ومنهم من أكثر ولم يحظ لحد الآن بوظيفة).
لم تعد معايير التوظيف في الجامعة الجزائرية مخفية، بل هي واضحة وضوح الشمس، وإلا كيف يفسر فتح بعض الجامعات لمسابقات توظيف في تخصصات هي أصلا غير موجودة في المؤسسة الأم! أما المعايير الأخرى فيتم نسجها على مقاس صاحب المنصب الناجح مسبقا والأمثلة كثيرة ولو تفتح تحقيقات في هذا المجال ستظهر قضايا لا تشرّف الجامعة.
هذه الفئة المهمّشة (نخبة المجتمع) هي بمثابة طاقات ضائعة، من المفروض أن تلقى العناية والاهتمام بها وكذا الاستثمار فيها، لا لتهميشها ودفعها للتفكير في الهجرة، لأنه من المؤسف حقا ومن غير المنطقي ترك طاقات ضائعة هكذا من دون الاستفادة منها، في حين يستفيد منها الغرب مجانا.