بقدر ما أفرزت الانتخابات المحلية وجوها جديدة، بقدر ما حملت معها أخرى أظهرت فشلها في إدارة الشأن المحلي خلال العهدة الأخيرة.
أكثر من هذا، راح بعضهم يسارع ليستثمر في تفسير القانون لخياطة اجتهاد على المقاس، عبر تحالفات بين قوائم لم تحصل على النصاب القانوني.
وإذا كان قانون النظام الانتخابي قد أنجز شوطا معتبرا في تعزيز مسار إبعاد المال الفاسد عن المشهد السياسي، فإن قانون البلدية ترك فجوات تستدعي معالجة في العمق، بما يحمي قيمة الانتخاب ويضمن حقوق القائمة الفائزة ولو بأغلبية نسبية ومن ثمة قطع الطريق أمام دعاة التحالفات.
لهذا هناك بلديات عديدة في هذا المأزق، في انتظار اجتهاد من السلطات المكلفة بتأمين المسار الانتخابي حماية قيمة الأغلبية النسبية من “أخطبوط” تحالفات تجمع أضدادا في صورة أشبه بمحاولة اختطاف المجلس، فتجد قائمة تحصلت على مقعد أو ثلاثة تتحالف مع أخرى لمنع قائمة فازت بأغلبية نسبية، ويكون الأمر مقبولا “ديمقراطيا” لو يتم ذلك على أساس برامج وخطط تشرح هذا الاختيار من ذلك.
أخبار مذهلة تخرج من مواقع تبرم فيها تحالفات لا تستقيم تزيد من تلويث صورة الانتخابات، في وقت ينتظر من المجالس الجديدة أن تبرز كقوة مبادرة جامعة لكل الفاعلين تنخرط في ديناميكية ميدانية تستلزم أفكارا في مستوى التحديات، لا مجال فيها لإقصاء أو تهميش، بقدر ما تكون مصدر إلهام للمجتمع في إرساء النقاش المفتوح وقبول الرأي المخالف واحتضان مبادرات كل أطياف المجتمع.
لما تستمع لمطالب استرجاع الصلاحيات وتوسيعها وترصد كفاءة البعض، ينتابك خوف على مستقبل المرفق العام، الذي يتطلب نجاعة في الأداء وشفافية في التسيير، لكسر دكتاتورية تحالفات، غالبا ما تبرم في أماكن مغلقة وفقا لحسابات الربح والخسارة، تختفي في معادلتها المصلحة العامة.
حال البلديات كما خلّفته المرحلة السابقة يرثى له وفقا لما ترسمه المشاهد اليومية للطرق والمدارس والبيئة والشباب المتطلع لأوضاع أفضل في مجال الاستثمار، ما يضع الذين يتولون إدارة الشأن العام المحلي تحت أضواء المتابعة ورصد الممارسات التي تسيئ للمرفق العام.