البلدية هي الخلية القاعدية للدولة، ومن ثمّة كانت انتخابات المجالس المحلية مثار اهتمام المواطنين، لما تعكسه من ثقل في تجسيد التواصل الجواري بين السكان والمرفق العام، حيث تقاطع الانشغالات والتطلعات، في وقت تتجه فيه كل الجهود إلى توسيع نطاق التنمية، التي تصبّ في خانة تحسين أوضاع الناس والرقي بهم، من خلال التزام من يفرزهم التصويت الشعبي بوعودهم التي أمطروا بها المشهد، طيلة ثلاثة أسابيع.
لا يتوقّف الجدل حول العملية الانتخابية من زواياها التقنية والإجرائية التي يحدّدها قانون الانتخابات، بقدر ما تتجه تساؤلات الناس بشأن من يتولون إدارة الشأن العام المحلي، بين قدامى تستهويهم لعبة المجالس وما يدور في فلكها وجُدُد يحملون تطلعات لا تتحقّق سوى بمضاعفة العمل والإخلاص للمواطن، مع نبذ كافة تلك الممارسات السلبية التي أحطّت من قيمة البلدية وهمّشت المجلس الولائي.
ليس مهمّا البقاء رهائن الماضي، إلاّ من باب استخلاص الدروس ورصد النقائص وتحديد الفجوات، إنما الأهم التوجّه إلى الأمام وسط مناخ يحمل بالتأكيد، تراكمات مرهقة، زادها تداخل الصلاحيات وغموض بعضها تدهورا، ما أصاب الثقة بين الشركاء المحليين في الصميم، بكل ما يستنزفه الأمر من موارد وطاقات، حان الوقت لإدراجها في دواليب التغيير البنّاء.
ومع ترقّب تغييرات تشريعية ذات صلة بقانوني البلدية والولاية يكون المنتخب المحلي في صدارة المشهد، لتتحوّل تلك الخلية إلى كائن حيوي يفرز طاقات مناجيريالية على درجة من الكفاءة والالتزام، بما يرفع من وتيرة الأداء أفقيا باتجاه الأحياء الشعبية ومناطق الظل، حيث ينتظر المواطن حلولا عملية تعيد له الاعتبار عبر مشاريع صغيرة جوارية ومعالجة لانشغالاته بروح مبادرة عنوانها مشاريع وأفكار هي جوهر ورقة طريق المستقبل.
لقد ساءت صورة المجالس المحلية، وبالذات البلدية في مرحلة سابقة، بعد أن نخرها الفساد وبشكل عميق للبعض منها، إلى درجة أنّ البعض حوّلها إلى كل شيء ما عدا وظيفتها الأصلية، أمر لا يمكن أن يستمر، وبالتالي يجب أن يستقيم بتحمّل المعنيين المسؤولية وامتلاك الجرأة في الخروج إلى الميدان لتقديم ثمار التغيير، وليس التمترس وراء مكاتب والتذرّع بالصلاحيات، حقّ يراد به باطل.
