بدأت أخبار المتحوّر الجديد من فيروس كورونا تجتاح أعمدة الوكالات الدّولية، وتنذر بخطر مقبل قد يكون أشدّ ممّا جاءت به «الطبعة الأولى» من الفيروس، ولقد تناقلت الوكالات خبر مقترح المفوضية الأوروبية بإغلاق مطاراتها أمام طائرات عدد من الدول الإفريقية، بينما طبقت بريطانيا المنع فعلا، في انتظار المفاجأة التي يعدّها المتحور، مع الإعلان الرّسمي عن العثور على عدد من «نسخه» في جنوب إفريقيا..
ولا شكّ أن العالم اليوم لا يرغب في العودة إلى نقطة الصّفر مع الجائحة، وإن كانت إرهاصات الحجر التّام حريصة على استعراض قدراتها على مكافحة المتحوّر الكوروني، وإمكاناتها الكبيرة في الحدّ من انتشاره، غير أن «الحجر»، من جهة أخرى، لا يبدو حلاّ مثاليّا ولا مبدعا، فقد تسبّب في أضرار اقتصادية بالغة، وعطّل مصالح معتبرة، وكلّف خسائر فادحة على جميع المستويات، دون أن يمنع الفيروس من استحداث متحوّراته، ولا توقيف انتشاره..
ولسنا نتوقع أن تكون الموجة الجديدة من الجائحة مرعبة إلى الدّرجة التي توحي بها أخبار الوكالات، مع كامل التّحفظ، ولكنّنا ينبغي أن نلاحظ بأن العالم سيواجه هذا المتحوّر مطعّما باللّقاح أوّلا، ثم يواجهه بما اكتسب من خبرة في التعامل مع أقرانه السّابقين، وما استوعب من تعاليم الوقاية، فلا يقف مشدوها، كمثل ما وقف أوّل مرّة، ليواجه عدوّا خفيّا ينتشر في الهواء، ويتلصّق بالأشياء، وينتقل صامتا بلا حياء..
ولا نسأل ردّ القضاء، ولكن نسأل اللّطف فيه، فإن كانت الموجة الرّابعة، فليس ينبغي سوى الالتزام بمقتضيات السّلامة، والحرص على تأمين المحيطين بنا وحمايتهم من كلّ ما يمكن أن يسبب لهم الأذى، فلطالما اجتمعت الآراء على أنّ «الوقاية خير من العلاج»، وهذا موعد ملائم جدّا للإفادة من «تميمة» الوقاية..