تلقي مسألة الدعم الاجتماعي بظلالها على المشهد، مثيرة جدلا في مختلف الأوساط بين داع لإلغائه ومطالب بالتريث إلى حين ضبط أدوات تسمح بتوجيه الدعم العمومي لمستحقيه؛ أمر يتطلب عملا في العمق تتكفل به آليات تضبط المؤشرات وتدقق في المعايير من منطلق حفظ الحقوق وإرساء أسس عدالة اجتماعية.
العدالة الاجتماعية التي تستمد روحها من المرجعية التاريخية المؤسّسة للدولة الجزائرية قاسم مشترك يترجم في عدة أشكال لطالما شكلت عناوين كبرى لمعنى السيادة الوطنية، تشمل التعليم والصحة (على ما فيها من نقائص واختلالات يرتقب أن تعالج من خلال إصلاح عقلاني) ومختلف الخدمات التي يتم عبرها تقسيم منافع الاستقلال.
غير أن انكماش الموارد يقود حتما إلى إعادة صياغة مقاربة الدعم وفقا لمفهوم يوازن بين الإمكانيات والمتطلبات ضمن رؤية شاملة تدمج كافة مكونات المنظومة الاقتصادية المدرجة في مسار إنتاج الثروة، من خلال تحرير المبادرة الاستثمارية واستئصال البيروقراطية، العائق في وجه النمو، الذي يبقى التحدي الأول في كل الظروف.
عوامل عديدة (إرادة سياسية صريحة، استقرار، تحفيزات للمتعاملين وموسم أمطار سخي) تدفع لتشكيل قناعة بأن مفتاح تفادي تداعيات الأزمة المزدوجة الاقتصادية المالية يتمثل في انخراط كافة الشركاء في ديناميكية النشاط بكافة مكوناته والرفع من وتيرة الأداء في المواقع الإنتاجية، خاصة وأن ورقة طريق النمو تشير إلى أهداف ملموسة عنوانها العريض تشكيل الثروة الوطنية وحوكمتها وتوزيعها العادل.
المنهجية التي تقوم عليها سياسة الدعم وصلت إلى حدودها، فالمجتمع أصبح يعكس طبقية لا يمكن تجاهلها، وليس من المعقول أن يستمر أغنياء في الانتفاع المجاني من الدعم العمومي؛ أمر يحتاج إلى صياغة مقاربة ميدانية، تسمح بمراجعة تلك المنهجية دون أن تفقد جوهرها، عن طريق تغيير طريقة تقدم الدعم إلى الدفع نقدا، كما دعا إليه الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان.
هذا التحدي يحتاج إلى إحصاء ورصد وتدقيق مع معايير لا تحدّد في مكاتب بعيدة عن الواقع، مع إدراج الطبقة المتوسطة في المعادلة؛ ذلك أن من متوسطي الدخل من يعيلون بطالين وأرامل لديهم حقوق في الثروة الوطنية، فالتريث والتبصر حتمية.