كما يركب العلماء المختصون في المواد المشعة أجهزة لتحطيم الذرة، هناك اختصاصيون مشرفون على أجهزة خاصة لتحطيم الأفكار أو أي مجهود يسعى للتغيير الإيجابي.
في مقالة لمالك بن نبي، نشرها في كتابه «مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي»، أشار إلى مفهوم الأفكار الميتة والأفكار المميتة، الأولى متعلقة بكل مساعي الاستعمار الفرنسي لكبح كل جهد فكري يعارض مشاريعه وأفكاره الهدامة. أما الثانية مرتبطة بما توارثناه من ثقافة سلبية عبر الأجيال، وبوعي أو بدون وعي أصبحت تلك «الثقافة» تكبح كل محاولة للتغيير، وهذا ما اصطلح عليه ابن نبي بالصراع الفكري في البلاد المستعمَرة.
إن مصطلح «صراع فكري» به نوع من السمو، بالرغم من كونه صراعا بين مستعمِر وشعب آمن بالاستقلال وكان له ذلك، لأن الفكرة عادة يرد عليها بالفكرة، لكن وفقا لاختصاصيي تحطيم الأفكار والإبداع في زماننا، لا يمكن إدراجها في خانة «الصراع الفكري»، لأنهم لا ينتجون أفكارا بقدر ما يسعون لتحطيمها باستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة.
من الأفكار المميتة كذلك التي أبتلي بها مجتمعنا «ثقافة الريع»، فمن خلال متابعة لمواقع التواصل الاجتماعي، يلاحظ أن كثيرا من الجزائريين سعداء بارتفاع أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية، لأنهم ألفوا أنه مع كل زيادة في سعر المحروقات فإن آلة إعادة توزيع الريع ستشتغل أكثر وهذا من شأنه أن يعيد تكرار تجارب سابقة أثبتت فشلها.
أمثلة الأفكار المميتة التي ابتُلي بها المجتمع كثيرة وطرق إنتاجها متنوعة ومقصودة لضرب أي محاولة للتغيير الإيجابي، والحفاظ على الوضع على ما هو عليه خدمة لمصالح دول أو أشخاص، لكن إرادة الحق دائما تنتصر، كما انتصر الشعب الجزائري الأبي بالأمس على المستعمر الفرنسي