يعد الردع من أهم الاستراتيجيات التي توظفها الدول في التعامل مع الوحدات السياسية الأخرى التي تحس بالخطر والتهديد من جهتها، وقد تعددت التعاريف، حيث عرفت الموسوعة العسكرية الردع من منطلق «التلويح باستخدام القوة» على أنه: «التدابير التي تعدها وتتخذها دولة واحدة أو مجموعة من الدول، بغية عدم تشجيع الأعمال العدائية التي يمكن أن تشنها دولة معادية أو مجموعة من الدول وذلك عن طريق بث الذعر لدى الطرف الآخر، إلى حد يصبح فيه غير محتمل»..
وإن كان الردع يعتبر أداة فعالة في يد الدول الكبرى، فإن الصمت الاستراتيجي هو الآخر من الاستراتيجيات المهمة التي تنتهجها عديد الدول، والصمت الاستراتيجي يعني امتلاك الدولة لوسائل القوة والقدرة، لكن بخلاف الردع لا يمكن إبرازها واظهارها تماشيا مع عقيدتها ومبادئها، من دون إبرازها والتبجح بها، لكن بتلك الصورة التي تجعل الطرف الآخر (المعادي) يحس ويشعر بأن هذه الدولة (التي تتبنّى الصمت الاستراتيجي) تمتلك كل وسائل القوة والقدرة وبإمكانها إلحاق الضرر بالمعتدي، في حالة ما إذا أقدمت على الاعتداء والتحرش بها.
يبقى الصمت الاستراتيجي أداة مهمة لدى عديد الدول، لاسيما تلك التي تتكالب وتتآمر عليها أطراف تكنّ لها العداء، في صورة الجزائر التي تقع في بيئة غير مستقرة (جوارها الإقليمي ملتهب)، زادها تكالب نظام المخزن بالتواطؤ مع حليفه الكيان الصهيوني، في محاولة يائسة لجرها إلى حرب تستنزف قدراتها، لكن الجزائر تتعامل مع الخطر بما تراه مناسبا.
إن الردع والصمت الاستراتيجي يعتبران من الاستراتيجيات المهمة في الوقت الراهن، وطبيعة الظروف هي من تفرض ترتيب الإوليات، فأحيانا الوضع يحتم تقديم الردع على الصمت الاستراتيجي، وحيانا أخرى يتحتم تبني الصمت الاستراتيجي، لكن تبقى الجزائر في خندق الشرعية الدولية محددة خطوطا حمرا لا تقبل أي تجاوز من أيّ كان.