بلغت أسعار البطاطا هذه الأيام مستويات قياسية لم تعرفها هذه المادة الاستراتيجية منذ سنوات، حيث قدرت بـ150 دج للكيلوغرام الواحد في أسواق التجزئة.
وتُعدّ هذه المادة أهم محصول غذائي بعد القمح في الجزائر، كما أنها غذاء أساسي لأكثر من مليار شخص على مستوى العالم بحسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
ارتفاع الأسعار كُلٌّ فسَّره حسب منطقه الخاص، فالبعض أرجعه للمضاربة ونقص المعروض، والبعض الآخر ربطه بموجة التضخم التي تعرفها الجزائر وهي امتداد لموجة التضخم العالمية، حيث شهدت أسعار المواد الأولية والنقل البحري ارتفاعا كبيرا بسبب تداعيات جائحة كورونا.
تتعدد الأسباب والمشكلة واحدة، وحلها يكمن في عدم تكرار أخطاء الماضي، فلو عدنا سنوات قليلة إلى الوراء، حيث كان الفلاحون في وادي سوف وبقية مناطق الوطن المشهورة بزراعة البطاطا يتكبدون خسائر فادحة والسبب وفرة المنتوج وعدم القدرة على تصريفه!
وعرفت الجزائر في العقد الأخير طفرة في مجال الفلاحة بلغت العام الماضي مستويات مشجعة، حيث قدر الإنتاج الفلاحي في الجزائر سنة 2020 بـ25 مليار دولار ما وضعها في الرتبة الثانية إفريقيا وعربيا بعد مصر، لكن هذه الطفرة لم يواكبها تطور في طرق التسيير، سواء لضبط الأسعار أو حماية الفلاح من أي تقلبات يعرفها السوق.
وتكوين مخزون استراتيجي من البطاطا مستقبلا تشرف عليه الدولة كما هو معمول به مع القمح حاليا لتأمين التقلبات غير المتوقعة مثل الهبوط المفاجئ في الإنتاج المحلي أو تأخره والكوارث الطبيعية والمتغيرات المناخية، والاحتفاظ بقدر من المخزون يكفي لتغطية شهر أو شهرين من الاستهلاك المحلي مثلا، بما يسمح بالتعاقد على استيراد تلك السلع وضمان تغطية الاستهلاك المحلي لحين وصول القدر الكافي، مع الحفاظ على الأسعار متوازنة في السوق وعدم التأثير على القدرة الشرائية للمواطنين.