العبث بالطبيعة أو مع الطبيعة فعل غير محسوب العواقب في العالم، وخصوصا في البلدان التي لا تحتاط لما تسميه خطأ «سوء الأحوال الجوية»!
السوء ليس من شيم الطبيعة الكريمة التي تهديك مياه نقية، في زمن الحنفيات الجافة، بل هو من خطايا الإنسان، الذي يبتاع مدمرات الطبيعة من مواد كيماوية تستعمل في الفلاحة، إلى عوادم السيارات التي تزيد ثاني أكسيد الكربون في الهواء، فيسخُن، ولا يتكثف بخار الماء فينزل غيثا..
كل عام نجتر نفس الكلمات كلّما تساقطت أولى قطرات المطر، ونتباكى على طرق مقطوعة وشوارع مغمورة بالمياه، وتلاميذ ممنوعين من الذهاب إلى المدرسة..
ويبني المتعودون على التبرير قائمة بـ»مسببات» الغياب عن العمل، بداعي الطبيعة الغاضبة، وصعوبة الوصول إلى مكان العمل! مع أن المتسبب في «غضب الطبيعة» هو نفسه المُبرر لسلوكياته المنحرفة بها!
الطبيعة لم ترم فضلات صلبة في مجاري المياه، ولا تسُدُّ البالوعات بمواد بلاستيكية لا تذوب في الطبيعة إلا بعد ألف سنة، ولم تغلق مجاري المياه الشتوية وغير الشتوية بالإسمنت الذي يغزو الطبيعة بلا مقدمات، حتى صرنا نرى بنايات قائمة في الأودية.. ومجاري الصرف الصحي!
الحديث عن «سوء الأحوال الجوية» يعني فيما يعنيه غياب مخطط ناجع وعملي لتفادي هذا السوء. ويعني فيما يعنيه أننا لا نحفظ الدرس وأننا لسنا أصدقاء للطبيعة، نسعى إلى رضاها عنا بمزيد من التشجير الذي يحمي التربة من الإنزلاق، وكم مليون متر مربع من التربة الخصبة تضيع سنويا في مصبات البحر، أو تتراكم في السدود، ونسميها وحلا!
أيضا، الحديث عن «سوء الأحوال الجوية» معناه أننا غير مستعدين للمرور نحو مدن المستقبل، التي يفكر فيها من أصبحوا يتحكمون في «صناعة الماء»، والإستفادة من الغيث في الزراعة والصناعة وفي تخزين المياه الى وقت الشدة.
التعامل مع الطبيعة، يحتاج مواطنة خاصة، تكون حريصة على وضع الفضلات في أماكنها، وأعمالا دقيقة من المكلفين بالمحافظة على الحدود الفاصلة بين الطبيعة ومتطلبات العمران، وأكثر من ذلك، مواطنة أحرص على «حق الطبيعة» في كل ما نفعله.