تستمد الصحافة الجزائرية روحها من مرجعية المسار النضالي على مرّ التاريخ، وازدادت نضجا عبر مختلف المراحل التي مرت بها البلاد، لتكون في محطات مصيرية بوصلة تنير الطريق للأجيال، وسط مخاطر وتهديدات استهدفت في أكثر من مرة السيادة الوطنية، التي انتزعت من براثين الاحتلال الفرنسي البغيض بعربون من الدماء والتضحيات.
مكاسب عديدة تحققت وتحديات لا تنتهي تواجه الصحافة التي يبقى قاسمها المشترك خدمة المصلحة الوطنية والدفاع عنها، في زمن انتقلت فيه الصراعات والمخططات التي تخوضها قوى نافذة في العالم منها تلك التي تتغذى من بقايا الفكر الاستعماري إلى حقل الإعلام، حيث تدار برامج ومشاريع تقود إلى محاولة الهيمنة عن طريق بثّ أخبار مغلوطة ونشر إشاعات وفبركة محتوى، يمرر عن طريق وسائل إعلام منها بالأخص الكترونية.
لذلك، كان لزاما أن تحرص الصحافة الوطنية، على درجة من اليقظة، بحيث بالموازاة مع القيام بالوظيفة التقليدية، وسط محيط عام صعب، أبرز اختلالاته مصدر الخبر، ينبغي أن تتموقع كشريك ناضج يحمل انشغالات وهموم المجتمع، وعينها كلها يقظة على المحيط الإقليمي والجهوي وحتى العالمي لرصد مشاريع ومخططات استهداف السيادة الوطنية، خاصة وأنّ حقائق برزت في المشهد تتطلب فضحها والتصدي لها، وهي من صلب مهمة الصحافة أيضا مساهمة في تعزيز الأمن الإعلامي للبلاد وسدّ أيّ ثغرة قد يحدثها النقاش حول قضايا وطنية.
في أكثر من مناسبة وقف فيها الصحافيون (المهنيون وليس الدخلاء) في الصدارة، رافضين أيّ مقايضة بشأن مسائل ترتبط بالوطن والمواطن، تجدهم في الصف الأمامي للتصدي لكل ما يشكل خطرا على البلاد ويستهدف وحدة واستقرار المجتمع، ولأنّها مهنة المتاعب فإنّ المنتسب للصحافة يعيش في طوارئ يسعى دوما لأداء أفضل، لا تحدّه عن مهمته مصاعب أو عراقيل، بل تجده يؤثر على نفسه بوصلته الموروث الذي خلفه جيل نوفمبر مرصعا بالسيادة الوطنية، القاسم المشترك الأبدي.
بالطبع، ليس لحرية الصحافة حدود بالنظر لعمق الانتماء وضخامة التطلعات، لكن ترفق بروح المسؤولية، نظرا لما يحوم حول بلادنا من تهديدات، منها ما هي معلنة وأخرى مستترة، لا يمكن إغفالها، تحدّ يضع الصحافة الوطنية مرة أخرى على المحك.