تلقى «الفسابكة « فوز الروائي عبد الرزاق غورناه أو «قرنج « بصدمة وحيرة كبيرتين، فالمتوج الجديد للقائمة العالمية شخصية غير متداولة وليست معروفة في الأوساط الثقافية بحكم أن الفاعلين فيها هم الأكثر حضورا في العالم سواء على المستوى العربي أو الدولي، فلا يمكن القول أنه نكرة أيضا، أو أن حضوره ككاتب يتربع أهم المنابر الأدبية والأكاديمية ولكن كشخصية تتوج بأهم جائزة عالمية في الأدب فالأمر يدعو للتساؤل.
أصيب «الفسابكة» بحيرة غريبة وشرود تسلل من أعماقهم بخفي حنين فالمتوج شخصية غير مألوفة لا من حيث إصداراته، ولا من حيث المنجز، أما تناوله كروائي عبر وسائل الإعلام الثقافية بدأ ذلك للمهتمين بعيدا، لم يقرأوا له ولو مقالا واحدا ولا نصا مترجما ..كيف حدث ذلك ؟ وما هي المعايير التي اعتمدت في تبني هذا الخيار؟ مسألة تدعو إلى البحث في تاريخ ومسيرة صاحب جائزة نوبل للآداب لسنة 2021.
بالعودة إلى صفحته الافتراضية نكتشف أن عدد متابعيه لا يتعدى الخمسمائة متابع وهو رقم أهون من «أضعف الإيمان» ، مقارنة بصفحات كتاب جزائريين وعرب فاق عدد متابعيهم عشرات الملايين، فالمسألة إذن لا تتعلق بعدد «الجامات « أو « اللايكات « كما هو مشهود ومتعارف عليه عند «الفسابكة» بل الأمر أكبر من هذا المعيار الافتراضي بكثير.
انتظرت بعض الأوساط الثقافية في مشهدنا المحلي والعربي تتويج بعض الأسماء الأكثر جدلا بخرجاتها ضد التشكيك في تاريخ أوطانها، أو التي توغلت في سب الشعائر الدينية لنيل رضا الضفة الأخرى والظفر بإقامة عند العم سام ممدودة غير محدودة، لكن صيحاتها ظلت حبيسة الايعاز والاملاءات الضيقة لأن قواميس الدوائر المغلقة لا يتساوى فيها الضحية والجلاد.
أثبتت جائزة نوبل هذه السنة أنها لا تعتمد في تقاريرها إلى الحضور الابداعي، كمعيار للتتويج، أو الإضافة التي يمنحها صاحبها للمشهد الادبي على وجه الخصوص، انما هناك معايير أخرى لها صلة بخيوط اللعبة السياسية، من بينها إبعاد اللغة العربية كوسيلة للتعبير لأنها في نظرهم تعتبر ديناميتا ينافس ديناميت الفريد نوبل في نومته الأبدية ..
أخيرا وليس آخرا، سأكرر بلسان أحد الروائيين العرب المعروفين حين علق بقوله « لا أحد قرأ لعبد الرزاق غورناه، ومع ذلك سيكتب كثيرون أنهم قرأوا له، إنها معجزة نوبل في كل عام».