لا يتوقف مسؤولون فرنسيون عن البحث عن خرقة ما لتبييض صورتهم القاتمة السواد خلال فترة الاستدمار الغاشم للجزائر، آخرها محاولة عقد مقارنة بين تجربتين مختلفتين تماما؛ بين فترة الوجود العثماني التي دامت زهاء ثلاثمائة سنة، وبين الاستدمار الفرنسي الذي دام 132 سنة.
نسي ماكرون أننا لم ندرس في كتب التاريخ جرائم مشهودة أو مشهورة خلال التواجد العثماني في الجزائر، إذا سلمنا جدلا أنه استعمار، رغم عديد التحفظات على ذلك العهد، كما تناسى أننا لم نتوارث جيلا بعد جيل أخبارا عن مساس العثمانيين بالقواعد الأساسية للمجتمع الجزائري ومقدساته الدينية، وهو ماتم خلال الاستعمار الفرنسي الذي اتسم بالإجرام والهمجية والظلم والعمل الدؤوب لمحو شخصية الجزائر والجزائريين من التاريخ والجغرافيا، بينما جاءت فرنسا بشذاذ آفاق لتنصّبهم وكلاء ووسطاء لسرقة خيرات الجزائر وتحويل الجزائريين لعبيد وأهالي بدون أي صفات مواطنة على أرضهم وأرض أجدادهم.
ربما يتناسى كذلك ماكرون أن الاستدمار الفرنسي، الذي وصفه سنة 2017 بـ«الجريمة ضد الإنسانية”، هو صورة أخرى عن فرنسا التي يمجد تاريخها بتكريم حركى عملاء خانوا وطنهم ودينهم وبني جلدتهم.
تنزعج فرنسا الرسمية من تحالفات الجزائر الاقتصادية والسياسية الوطنية النابعة من خياراتها ومصالحها الإستراتيجية، هنا يحاول مسؤولون فرنسيون بشكل أو بآخر، إبداء تخبطهم ونقمتهم بأساليب استفزازية مقيتة.
إن أساليب الابتزاز السياسي والمساومة على التاريخ قد عفا عليها الزمن. لقد كانت الجزائر عبر التاريخ منارة المتوسط وجوهرته وقبلة الثوار ومكتهم ولا يمكن أن ينتقص من عظمتها ومكانتها كلام يرسله تجار السياسة والمصالح، فبلاشك سيرتد عليهم؛ ذلك لأن التاريخ والجغرافيا وقواعد الكرامة والكبرياء ستقول الكثير هاته الأيام