يتطلّع العراقيّون في استحقاق العاشر أكتوبر الجاري الذي يعد خامس تجربة انتخابية برلمانية، إلى تحقيق تغيير جذري يكون بسقف طموحات هذا البلد العربي الكبير الذي عانى شعبه العريق والصّامد طويلا من ويلات حروب متتالية وقسوة الأزمات وخطر الانقسام وأخطبوط الإرهاب وشأفة الفساد، لذا ينظر إلى هذا الموعد الانتخابي بالنسبة للمتفائلين، أنّه فرصة كبيرة ومحطة فاصلة يمكن عبرها تجاوز سلسلة من الأزمات التي عصفت ببلد الرافدين، وجعلته محاصرا بالمخاطر الداخلية والخارجية.
شفافية ونزاهة الانتخابات البرلمانية العراقية التي حشد لها المسؤولون مراقبين دوليين، قد تكون موعدا حقيقيّا لضخ دماء جديدة في الحياة السياسية، تفضي إلى طرح وجوه مختلفة تتمتّع بالنّزاهة والكفاءة، تكرّس القطيعة مع أخطاء وتجاوزات الماضي، وتضع اليد في اليد من دون إقصاء أو تهميش لبناء بلد لن يستعيد لحمته وأنفاسه وانتعاشه، إلاّ بوحدة صفوف شعبه وانصهارهم في مشروع وطني واعد لبناء العراق، واستغلال ثروته ليستفيد منها جميع العراقيّين على حد سواء، لأنّ إعادة ترتيب البيت الداخلي ينطلق بأيادي الجميع، ويكون في مقدمتهم السياسيين والمثقفين، وبمشاركة جميع العراقيين.
من مصلحة من؟ أن يبقى العراق يعيش على هاجس الفرقة والخوف تتجاذب أطرافه فواعل داخلية وخارجية، متأثّرا بما يحدث من تداعيات سلبية إقليميا ودوليا، لأنّه بلد كبير وعريق وغني، وفوق ذلك شبابه طموح حيث لا تنقصه التجربة ولا الإرادة، وليس مستحيلا أن يعيد محاولة الانطلاقة لتجاوز هول ما عانى وفظاعة ما جابه بوعي وحنكة وإصرار، إذن العراق يحتاج إلى خطوة واحدة صحيحة تنير الدرب، وتصحّح المسار الذي أثرت فيه تراكمات الأمس الضيق وأطماع حولته إلى ساحة تتكالب فيها المصالح.
الأعين ستكون مركّزة على قوة الصندوق وشفافية النتائج، الفاصل الوحيد في تغيير الصورة النمطية للحياة السياسية، التي ينتظر من مخاضها ميلاد تجربة جديدة، تكون بمثابة بارقة أمل يتم من خلالها إعادة ترتيب الكثير من المحطات والاتفاق على إطلاق إصلاحات حقيقية يكون فيها سلطان القانون فوق كل شيء.