جسّد القرار الذي تبنته محكمة العدل الأوروبية بإلغاء اتفاقية الشراكة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، خطوة هامة في مسار النزاع بين جبهة البوليساريو والاحتلال المغربي كونه جدد تأكيد القرارات السابقة الصادرة في 2016 و2018 ، على أن الصحراء الغربية إقليم منفصل ومتمايز لا علاقة له بالمملكة المغربية، داحرا بكل الصيغ القانونية الدولية الاطروحة التوسعية المخزنية.
وأبرز ما حمله قرار المحكمة أبعادا سياسية بالغة الأهمية وأكثر شأنا من البعد القانوني الذي كان واضحا من أساسه منذ بداية النزاع لولا تضارب المصالح الغربية وغضها الطرف عن معاناة الشعب الصحراوي طيلة أكثر من أربعة عقود، لكن الحكم جسّد شعار ما ضاع حق وراءه مطالب، وأغلق كل أبواب المساومة بأحقية الشعب الصحراوي التصرف في ثرواته الطبيعية.
البعد السياسي المهم في قرار المحكمة الاوروبية هو الاعتراف بجبهة البوليساريو ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الصحراوي، وبالتالي أي اتفاق مستقبلا يستدعي استشارة الشعب الصحراوي لأنه السيد على أرضه، وأن القرار النهائي فيما يتعلق بإستغلال الثروات الطبيعية أو تحديد مصير الإقليم بيده، والنقطة الجوهرية في أحكام المحاكم الأوروبية سنة 2016 و2018 و2021 هي أن الشعب الصحراوي سيد في قرارته و البوليساريو ممثل الشعب والمخوّل لها قانونيا وسياسيا للحديث باسمه.
أما البعد الثاني للقرار، فهو الرد على أطروحة المغرب وحلفائه من ذوي المصالح الضيقة، وهو رد واضح على إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسيادة المغرب المزعوم على الصحراء الغربية، وبالتالي هو جواب كاف لصوت أغلب دول أوروبا الرافضة لهذا القرار وفي مقدمتها اسبانيا والمانيا، ويمثل رد اعتبار واضح للشعب الصحراوي على صمت الاتحاد إبان إعلان القرار الأحادي رغم إعلان عواصم دول كبرى آنذاك رفضها التام لكل تسوية خارج نطاق الأمم المتحدة.
وبالرغم من الوقت المحدد لتنفيذ قرار محكمة العدل الأوروبية على أرض الواقع وتمكين الطرفين “المغرب والاتحاد الأوروبي” من آلية الاستئناف، إلا أنه أكد فوز البوليساريو بمعركة اقتصادية وسياسية شرسة تمهد لانتصارها النهائي بتحقيق الاستقلال والحرية.