أورد المؤرخ الأمريكي ويليام ديورانت في أحد كتبه حوارا موجبا للعبرة دار بين (كونفوشيوس) وأحد أتباعه ويدعى (تسي كوغ)، الذي كان يسأل أستاذه عن السلطة.
أجاب (كونفوشيوس) قائلا: على السياسة أن تؤمّن ثلاثة أشياء:
- لقمة العيش الكافية لكل فرد.
- القدر الكافي من التجهيزات الضرورية.
- القدر الكافي من ثقة الناس بحكامهم.
سأل تسي كوغ: «وإذا كان لا بد من الاستغناء عن أحد هذه الأشياء الثلاثة فبأيها نضحي؟».
فأجاب الفيلسوف: بالتجهيزات.
سأل ثانية: «وإذا كان لا بد أن نستغني عن أحد الشيئين الباقيين فأيهما نضحي؟
أجاب الفيلسوف في هذه الحالة نستغني عن القوت، لأن الموت كان دائما هو مصير الناس، ولكنهم إذا فقدوا الثقة لم يبق أي أساس للدولة.
فالثقة أساس الحكم وبناء الدولة، وشرط هام لاستمراريتها، والجزائر اليوم من جملة ما تعانيه اهتزاز الثقة بين المواطن والمسؤول؛ علاقة طبعتها سنوات طويلة من الشك وسوء التسيير.
إعادة الثقة لا تحتاج بالضرورة لمحاكاة نماذج غربية قد نراها ناجحة، والتاريخ الإسلامي مليئ بالعبر لخير خلق الله محمد صلى الله صلى الله عليه وسلم، حينما سأله أبو ذر الغفاري أن يعينه حاكما على إمارة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض طلبه بالرغم مما كان يكنّه للصحابي الجليل من تقدير عميق حتى آخر يوم من حياته.
فالنزاهة وحدها لا تكفي، يجب أن تضاف إليها الكفاءة وأكثر من ذلك الملاءمة، ونحن اليوم بأمس الحاجة لتطبيق معايير مثل هذه، لإعادة الثقة المهزوزة بين المؤسسات والمواطنين، وعلى مشارف انتخابات بلدية ولائية على الناس أن تعي كذلك معايير اختيار ممثليهم، بعيدا عن منطق العشائرية والولاءات، لأن إعادة الثقة مسؤولية الجميع وليست مسؤولية السلطة فقط.