لا يكاد ملف الصحراء الغربية يتوارى عن أجندة المجتمع الدولي حتى يعود من الباب الواسع إلى المشهد السياسي العالمي الذي يئنّ تحت وطأة الأزمات والتوترات، والظروف التي تعيد ظهور القضية إلى الواجهة الدولية لا تختلف كثيرا عن حالة الجمود التي تطبع العملية السياسية وتعطلها لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير.
الوضع الجديد الذي يخيم على المنطقة وما يرافقه من تحولات جيوسياسية خاصة على المستوى الأمني، يؤكد أن الصراع بين طرفي النزاع يتجه إلى التصعيد العسكري وإن كانت المؤشرات غير واضحة بشكل كبير لاسيما إعلاميا في ظل تنفيذ الإعلام الدولي لأجندة معينة تهدف إلى طمس وتغييب الواقع الحاصل لأسباب متعددة!
لكن في حال لجأت الأمم المتحدة إلى إطالة مسار إيجاد حل يرضي الشعب الصحراوي صاحب أرض الساقية الحمراء ووادي الذهب، فإن الوضع قابل للانفجار في أي لحظة ولا مجال للشك في ذلك بالاستناد لحالة احتقان غير مسبوقة لدى الشعب الصحراوي، سواء في الأراضي المحتلة أو مخيمات اللاجئين.
مؤشرات واضحة تدل على أن انصياع الرباط للأمم المتحدة وقبولها بمقترح الأمين العام أنطونيو غوتيريش تعيين ستيفان دي ميستورا مبعوثا أمميا جديدا إلى الصحراء الغربية، جاء كردة فعل غير مباشرة على ما يحدث من تطورات على مستوى الجدار الفاصل بين الأراضي الصحراوية المحتلة والمحررة.
فمنذ سقوط اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين البوليساريو والمغرب في 13 نوفمبر الماضي فرض واقع مختلف تماما عما كان يريده المجتمع الدولي، من الحفاظ على حالة اللاحرب واللاسلم طيلة أزيد من أربعة عقود قبر خلالها حلم شعوب المنطقة المغاربية في الإتحاد وليس حلم استقلال الشعب الصحراوي فقط كونه جزء لا يتجزأ من المكوّن المغاربي من شرقه إلى غربه.
غير أن التسريع في تعيين مبعوث أممي جديد إلى الصحراء الغربية بدّد أطروحة نظام المخزن التي طالما روّج لها، بأن لا مجال للتفاوض مع البوليساريو ما دامت إسرائيل قد أوفت بوعد ترامب المزعوم بشأن الصحراء الغربية، وهو لا يعلم أن حق الشعب الصحراوي لا يسقط بالوعود، وان نهاية كلّ احتلال هو الزوال مهما طال الزمن.