في معترك الحياة يجد المرء نفسه أمام تحدّيات كثيرة لعل أهمها صراعه مع الشر في مختلف تجلياته الإنسانية، فتراه يتسلّح مرة بالشّجاعة ومرّة أخرى بالصّبر، وبينهما يقف منهكا وسط هرج ومرج ساد بطريقة غير متوقّعة أعطيت الغلبة فيها للتّفاهة التي أصبحت فلسفة «حياة» بنَت إمبراطورية عالمية عجز مجتمعنا عن مقاومة تياره.
وبين هذه وتلك، بقي المواطن محصورا بين فكي رحى من أجل تأمين «الخبزة المحّانة»، نعم الخبزة التي تحوّلت في السّنتين الأخيرتين إلى هدف كل مواطن بسيط تضرّر من تداعيات أزمة صحية بطلها فيروس كورونا ونسخه المتحوّرة، فيما الأزمة الاقتصادية التي هزت العالم لم تستثن المواطن البسيط حيث كانت وما زالت عظامه أول ما تهشمه أنيابها الحادّة.
لكن في المقابل، كشفت الجائحة المستجدّة عن فيروس آخر نعرف عنه الكثير لكن الكثير منا لم يقابله وجها لوجه، هو فيروس لا يصيب خلايا الجسم بل روحه، ليتحوّل بعد اكتمال دورة تكاثره إلى مستوى متقدم من الشر، لم يعد فيها مجرّد نقطة سوداء في قلب يتشرّب من مآسي الناس وآلامهم.
لينتقل مع هذا السّواد امتحان الدنيا إلى درجة المعادلات الرياضية الصّعبة، حتى تحوّلت يوميات المواطن البسيط إلى حرب حقيقية من أجل الظفر بـ «الخبزة المحّانة»، وسبحان الله حتى الدارجة عندنا ربطت «الخبزة» بـ «المحن» تعبيرا عن ضنك العيش وصعوبته.