يرجع أول استخدام مدوّن لعبارة «ثيكثانكس»(Think Tanks) إلى سبعينيات القرن العشرين، إذ تم استخدام هذه العبارة بشكل عام للإشارة إلى مؤسسة راند البحثية الأمريكية وإلى المجموعات الأخرى التي ساعدت حكومة بلاد العم سام في تقديم المشورة البحثية الدقيقة. وعلى الرغم من عدم وجود تعريف شامل لـ « الثين ثانكس»، إلا أنّ معظم التعاريف المختلفة تتفق بأن الثينكتانكس عبارة عن منظمة أو مؤسسة أو معهد أو جماعة أو مركز متخصص للقيام بالأبحاث والدراسات في مجالات معينة أو حول عديد القضايا المتنوعة، سواء لنشر الثقافة والمعرفة العامة أو توفير الخدمات للقطاعات الرسمية (الحكومية) أو غير الرسمية (الخاصة).
وأصبحت تلك المراكز واحدة من المرتكزات الأساسية لإنتاج المعرفة والتفكير العام في أيّ دولة معاصرة من خلال النشاطات العلمية التي تقوم بها، من أبحاث ومؤتمرات وإصدارات دورية وكتب ومنشورات وتقارير وبيانات تحليلية والمقارنات البيانية ورسوم توضيحية. إلى درجة أصبحت مهمة مراكز التفكير ليست فقط تقديم دراسات أكاديمية تحليلية نقدية ولكن تناول أية مشكلة بصورة مباشرة وإعطاء المختصين وصانعي القرار في الدولة أو في القطاع الخاص اقتراحات يمكن أن يختاروا أفضلها، في الاعتماد عليه في مواجهة التطورات والأحداث المتسارعة. وكذلك للمساهمة برسم الخطوط العامة للسياسات والتحركات الرسمية والاقتصادية بقراءة دقيقة وعلمية للنتائج المرجوة.
لقد بات إنشاء مراكز للبحث والفكر في كافة المجالات والتخصصات أمرا في غاية الأهمية، إذ تعد من الأسس والمرتكزات التي تساهم في تطور المجتمعات والدول، ولعل أهم ما يميز الدول المتطورة، اليوم، هو امتلاكها للعديد من مراكز البحث المتخصّصة في مختلف العلوم والمجالات.
والمتتبع لحال الجزائر، اليوم، يرى مدى افتقارها لمراكز البحث العلمي والدراسات، بالرغم من بعض المحاولات والمجهودات المبذولة في هذا الإطار، لكنها تبقى غير كافية مقارنة بالدول التي خطت خطوات عملاقة في تحقيق التقدم والازدهار والرفاه الاجتماعي، وهذا رغم الإمكانيات الكبيرة التي تتوفر عليها، وبالتالي حان الوقت في الجزائر لإنشاء مراكز بحث وفكر متخصّصة تهتم بالبحث ودراسة ومتابعة التطوّرات الإقليمية والدولية.