أعادت الهبة المتضامنة مع الشعب الفلسطيني بعد أحداث اقتحام باحات المسجد الأقصى الشريف وحي الشيخ جراح العزيمة والإصرار على التمسك بجذور القضية الفلسطينية رغم حالات التردّد التي تسجل في بعض المواقف العربية الرسمية التي هرولت قبل أشهر للتطبيع مع الكيان الصهيوني، معتقدة أن الضمير الإنساني قد مات أو انحاز.
لكن بعض العرب الذين يطّبلون لحكوماتهم، لا يدركون أن سيطرة الاحتلال الصهيوني على حي الشيخ جراح هي خطوة كبيرة في طريق تهويد القدس بالكامل، وبالتالي نهاية الكذبة الرائجة حول حل الدولتين التي يجري عن طريقها محاولة إقناع الشعوب بضرورة الموافقة على جريمة التطبيع التي بدأت تداعيات حقيقتها تكشف للرأي العام العربي قبل فوات الأوان، لأن جميع المواقف الرسمية العربية الممانعة من الهبات الشعبية الفلسطينية السابقة، كانت نتيجة ضغط الشارع وخوفاً من خروجه عن سيطرتها، إذ لطالما سارعت إلى محاولة استيعاب حجم الغضب الشعبي، عبر إعلان اجتماع طارئ في جامعة الدول العربية، وإطلاق مئات الوعود الكاذبة حول دعم صمود الشعب الفلسطيني ماديا وإعلاميا وسياسيا، وتحذير الكيان الصهيوني وداعميه الغربيين من مغبة اختبار الصبر العربي، مهددين بالتحرك عسكريا، من دون تنفيذ أي من هذه الأكاذيب سوى إرسال قليل من الأموال والتبرعات الشعبية غالبا، ما تجمعها الجمعيات والهيئات الناشطة من الشعوب مباشرة فقط لنصرة فلسطين إيمانا منهم بأن النصر الشعبي أولى من الرسمي.
رغم الجرح الكبير للأحداث الجارية في القدس الشريف، إلا أن ذلك يؤكد استمرار صحوة ضمير الشعب الفلسطيني المنتفض داخل مدينة القدس والذي نجح في إجبار الكيان الصهيوني على إزالة الحواجز الحديدية والمتاريس التي كانت تغلق باب العامود، تحت ضغط المقاومة الشعبية، وهو نجاح مهم وضروري في هذه المرحلة التي تمرّ بها قضية الأمة الإسلامية من أجل إفشال أو على الاقل إعاقة المخططات الصهيونية، ورفع الروح المعنوية الفلسطينية التي تضررت كثيرا من المستجدات السلبية التي عرفتها القضية الفلسطينية.