رغم القرارات المتخذة من أجل الحد من ظاهرة تغوّل عصابات الأحياء، وبالرغم من تراجعها بشكل ملموس الأشهر الأخيرة، خاصة خلال فترة الحجر المنزلي، ها هي مظاهر الاشتباكات بين أفراد تلك العصابات تعود في بعض أحياء العاصمة ومعها يعود الإزعاج والذعر وسط المواطنين الآمنين؟
الأكيد أن الانتشار الواسع للمهلوسات والمخدرات، التي أصبحت تباع جهارا نهارا في بعض الأحياء وأصبح مروّجوها معروفين لدى العام والخاص، ساهم بشكل كبير في استفحال هذه التصرّفات الإجرامية التي أصبحت تشكّل خطرا حقيقيا على المجتمع وعلى سلامة المواطنين والممتلكات، بل حتىّ بعض أفراد تلك العصابات هم في الحقيقة ضحايا واقعهم وضحايا مروّجي تلك السموم الذين يجب إعلان الحرب عليهم أولا لتجفيف منابع الإجرام.
ردع تلك الجماعات والقضاء على المظاهر المسيئة والمقلقة التي تسبّبت فيها وعمّت بعض أحيائنا، بل أصبحت روتينا يوميا في الكثير منها، إلى درجة أنّ المواطنين أصبحوا يشعرون بالرعب وانعدام الأمن، لهذا لم يعودوا يحرّكوا ساكنا عندما تغزو مساكنهم كل أشكال الكلام البذيء وتجدهم يتحمّلون ذلك على مضض اجتنابا لشر هؤلاء المنحرفين؟
كل ذلك يحتاج إلى إطلاق يد قوات الأمن للتعامل مع هؤلاء المجرمين المدجّجين بمختلف الأسلحة البيضاء والأسلحة شبه النارية مثل «السينيال»...إلخ، تحت طائلة القانون الذي يجب أن يحمي المواطن والشرطي بالدرجة الأولى وليس المجرم الذي أصبح يشهر سيفه في وجه أعوان الدولة وهم مطالبون بالسيطرة عليه بأيادٍ خاوية؟
إن إطلاق يد مصالح الأمن في مكافحة الإجرام بكل أشكاله وفق القانون وتفعيل دور العدالة في الردع، سيقلّص حتما من ظاهرة الإجرام من عصابات الأحياء التي أصبحت موضة - للأسف- بسبب استغلال هؤلاء المجرمين لبعض الثغرات القانونية. ولكن الردع وحده لا يكفي إن لم يتم توفير كل وسائل الترفيه في هذه الأحياء التي لا يتوفّر بعضها على أبسط شروط الحياة، بل بيئة تشجّع على الصعلكة والانحراف، إلى درجة أنهما لم يعودا يقتصران على الكهول والشباب فقط ولكن حتى المراهقين أصبحوا «مشروع مجرم» مستقبلي في مثل هذه الظروف؟!