مازال الوضع الأمني في شمال مالي غير متحكّم فيه بالرّغم من العملية العسكرية التي قادتها القوات الفرنسية والافريقية في جانفي 2013 لتحرير هذه المنطقة من قبضة الجماعات الارهابية والانفصالية.
وبرغم الجهود التي تبذلها السّلطة في باماكو تحت قيادة الرئيس ابراهيم ابو بكر كايتا، الذي يسعى جاهدا منذ انتخابه الصيف الماضي لاستعادة سيادة مالي على الشمال، ويعمل على إقناع الانفصاليّين الطوارق بوضع السّلاح والجلوس إلى طاولة المفاوضات قصد إيجاد أرضية تفاهم تكون قاعدة للمصالحة التي تشكّل طريق الخلاص الوحيد لهذه الدولة التي تضع أمن السّاحل كلّه على المحك.
ففي المدّة الأخيرة كشّرت مجموعات انفصالية طارقية عن أنيابها، واستأنفت اعتداءاتها المسلّحة في الشمال رافضة تواجد الحكومة المركزية وجيشها بهذه المنطقة التي ترغب في انفصالها أو منحها حكما ذاتيا في أسوأ الحالات.
وقامت هذه المجموعات بطرد ممثلي الحكومة المالية من مدينة كيدال، وتلتها اشتباكات مسلّحة عنيفة مع الجيش كردّ فعل على عزم رئيس وزراء مالي زيارتها، الأمر الذي استدعى تحرّكا سريعا وفعّالا من الاتحاد الافريقي، حيث سارع رئيسه الحالي، الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى عرض وساطته التي أثمرت اتفاقا لوقف إطلاق النار، وتعهّدا باستئناف المفاوضات بين باماكو
والانفصاليين قصد إيجاد صيغة تنهي الصّراع بالشمال، وتسمح بتنفيذ الخطة التنموية التي ستزيل الغبن عن سكان المنطقة وتعيد المهجّرين إلى بيوتهم.
سرعة تدخّل الاتحاد الافريقي مكّنت من الحيلولة دون إراقة مزيد من الدّماء، كما أكّدت بأنّ المشاكل الافريقية يمكن حلّها دون تدخّل خارجي، ودون اللّجوء إلى القوة التي تؤجّج في الغالب الأزمات ولا تحلّها.
إنّ استتباب الوضع في شمال مالي يمرّ حتما عبر الحوار لبلوغ حلّ تفاوضي يحمي حقوق الطوارق،
ويحفظ حق السّلطة المالية في بسط سيادتها على الشّمال. ومن الضروري أن يواصل الاتحاد الافريقي مساعيه السّلمية، فهو يحظى بمصداقية لدى الماليين باختلاف انتماءاتهم العرقية، على خلاف القوات الأجنبية التي ينظر إليها على أنّها قوات محتلة مهما كانت العناوين التي تغطّي تدخّلاتها.
وفي كل الأحوال، فإنّ استعادة مالي لأمنها سيكون مقدّمة لعودة الاستقرار إلى السّاحل وإفريقيا.
كلمة العدد
الحـوار...سبيل الاستقرار
فضيلة دفوس
02
جوان
2014
شوهد:569 مرة