يحقّ لنا اليوم، وبعد مرور ما يقارب أربعة أعوام على الاضطرابات التي هزّت شوارع بعض الدول العربية، أن نتساءل إلى أين وصل التّغيير العربي؟ ولماذا تعثّرت عملية التحول الديمقراطي وتحوّلت إلى عنف وفوضى هنا وإلى بحر من الدماء النّازفة هناك؟ ولماذا ضلّت “الثّورات” الطّريق وبات صنّاعها يعضّون أصابعهم ندما على حركة أرادوها سبيلا لانتزاع الأنظمة من قبضة الديكتاتورية، فإذا بها تجّر الجميع إلى منحدرات الموت؟
بعد ما يقارب أربع سنوات على انطلاق موجة التغيير بها، مازالت تونس، مصر،اليمن، ليبيا وسوريا تتحسّس طريق الخلاص والاستقرار، وتبحث عن أنجع الخطط وأقصر الطّرق لبلوغ برّ الأمان،
ورغم أنّ الأوضاع بدول ما يسمى بـ “الرّبيع” متباينة ومتفاوتة من حيث درجة الانحدار الأمني، والتي وصلت في سوريا إلى درجة الاحتراب الداخلي، وفي ليبيا إلى قمة الفوضى الأمنية، وفي مصر إلى أعلى درجات التوتر، فيما تونس تبدو الأكثر هدوءًا واستقرارا، فإنّ الجميع يتقاطع في الاحساس بالإخفاق والفشل، الذي يرجع بالأساس إلى غياب مؤسسات ديمقراطية كان من المفروض أن ترافق وتستوعب وتؤطّر تطلّعات الشّعوب، وبدونها تغدو سلطة الشعب فوضى وهو الحاصل في ليبيا وجلّ الدول التي تهدّمت فيها مؤسسات الدولة، فشاعت الفوضى واللاّأمن، وتبعثر السّلاح وانتشر في كل مكان، ودخل الارهاب على الخط ليسرق آمال الشّعوب وأرواحها، حتى باتت هذه الشّعوب تتمنّى لو أنّ عقارب السّاعة تعود بها إلى الوراء، فتسلك طريقا آخر للتّغيير غير طريق فوضى الشّوارع والميادين، واستعراض العضلات بقوّة السّلاح والذي ثبت بأنّ آخره ندم.
التّغيير تعثّر ما في ذلك شكّ، والوضع في بعض الدول التي أصبحت مصدرا للسّلاح و«تفريخ” الارهاب، بات يلقي بظلاله القاتمة على الجوار فيهدّد أمنه واستقراره لتتجلّى بوضوح خيوط المؤامرة التي نسجت ما يسمى تجنيّا “بالربيع العربي” والتي على صخرتها تحطّمت الآمال المشروعة للشّعوب .
كلمة العدد
“ثورات” تحترق بلهبها
فضيلة دفوس
19
ماي
2014
شوهد:616 مرة