حال الدنيا

ليبيا..الأفريقية

أسامة إفراح
07 سبتمبر 2020

تحتفي القارّة السّمراء، غدا الأربعاء، بالذكرى الحادية والعشرين للإعلان الداعي إلى إنشاء الاتحاد الأفريقي، الإعلان الذي شاءت الأقدار أن يكون بمدينة سرت الليبية..وستذكر أفريقيا أن 9 / 9 / 1999 كان اليوم الذي وُلدت فيه فكرة الانتقال إلى منظمة إقليمية قويّة وفعالة، جوهرها حفظ السلم والأمن، في قارة عانت ويلات النزاعات، الحروب الأهلية والدسائس الدولية في أبشع تجلّيات «الهوبزية».
كانت الفكرة الرّئيسية عدم الاكتفاء بآليات الوساطة والتحكيم والمصالحة، وتبنّي نظام أمني أفريقي جديد، وحشد الاتحاد لذلك مختلف الآليات والأجهزة، من مجلس السلم والأمن، والقوة الأفريقية الجاهزة، إلى هيئة الحكماء، والنظام القاري للإنذار المبكّر، والصندوق الخاصّ بالسلام.. ولكن، ما فائدة كل هذه الآليات إن لم يرَ فيها الليبيون بصيص أمل يعيد لهم بعض الأمان الذي فقدوه؟ بالمقابل، أثبت النزاع في ليبيا العلاقة الوطيدة بالقارة، ولكن بشكل آخر: أفواج متزايدة من المهاجرين غير الشرعيين، مرتزقة أفارقة، ونشاطات غير مشروعة في المنطقة، على رأسها تجارة السلاح.
بالرغم من كلّ ما قدّمته ليبيا للاتحاد الأفريقي، يبقى دور هذا الأخير باهتا، حييّاً، غاية في الاحتشام، في وقت تتعالى الأصوات الدولية المنادية بتدخّله، أو المعبّرة عن الاستعداد للتنسيق معه: من الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، إلى نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف، إلى السفير الأمريكي لدى ليبيا نورلاد، وقبلهم جميعا الرئيس الصيني السابق هوجين تاو، الذي أعرب، منذ بداية الأزمة الليبية سنة 2011، عن استعداد بلاده للتعاون مع الاتحاد الإفريقي للتوصل إلى تسوية ممكنة.
لم يغرّد رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية، فائز السراج، خارج هذا السرب، ولكنه أضاف بأنّ على «الأشقاء الأفارقة أن يدركوا أن جهودهم ستصطدم بتدخلات سلبية من دول عديدة، بينها للأسف دول أفريقية».
في علم الجبر، كلّما زاد عدد المجاهيل في المعادلة، زادت صعوبة حلّها..ذات الأمر ينطبق على النزاعات الدولية، إذ كلما زاد عدد الفواعل والمتدخلين، خصوصا الخارجيين، في النزاع، كلّما صعُب حلّه وتعذّر..لذلك، وَجَبَ ترك الليبيين يبحثون حلّ مشاكلهم بأنفسهم، ويصنعون مستقبل بلادهم بمنأى عن أطماع الأجانب، الذين لن يكونوا أحرص على ليبيا مِن أبنائها..وإن كان يجب مِنْ تدخّل، فليكنْ على الأقل أفريقيّا، فلطالما كانت ليبيا، وستبقى، أفريقية الهوى والانتماء.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024