كلمة العدد

نحو تحوّل نوعي

سعيد بن عياد
09 ماي 2014

يستعدّ قطاع البناء لدخول مرحلة تصنيع السّكن بالنظر لمعادلة الطلب المسجّل والمشاريع المسطّرة ضمن مؤشّرات اقتصادية كلية وقطاعية تفرض الانتقال إلى مستوى وتيرة إنجاز تستجيب للأهداف المسطّرة، التي تؤسّس في المديين المتوسّط والبعيد لقاعدة اقتصادية واجتماعية متوازنة ومنسجمة ترتكز على مدى صلابة هذا القطاع الذي يوصف بالقاطرة التي تجر الاقتصاد، فإن صحّ البناء كان كل شيء سليما. هذا التّحول النّوعي في الديناميكية يقوم على خيارات جوهرية منها ما هو داخلي بحث ومنها ما هو خارجي، فأمّا الأول فيقتضي الذهاب بسرعة إلى إعادة ترتيب قطاع الإنجاز العمومي، بوضع تصوّر جديد ومرن وفعّال ينهض بالقدرات الوطنية للانجاز من خلال رسم خارطة طريق تنظيمية واستثمارية لشركة مساهمات الدولة للبناء ‘’إنجاب’’، إلى جانب الدّفع بالمؤسّسات الخاصة إلى درجة أداء أكثر احترافية، يخرجها من الإطار المقاولاتي المحدود الإمكانيات وضعيف الأداء وكذا الإطار العائلي المغلق، باتجاه أفق واعد لمؤسسات إنجاز كبيرة متعدّدة الاختصاصات، من خلال تجميع القدرات وتركيزها بالشّراكة المحلية.
أما الخيار الثاني فيجسّد إطلاق شراكات صناعية إنتاجية واسعة ومندمجة مع متعاملين من بلدان عديدة لديها القناعة بالعمل في السّوق الجزائرية للبناء وفقا للقواعد السّارية، بما في ذلك إدخال تقنيات تصنيع مواد البناء وإدماج محور الطّاقات المتجدّدة في المشاريع باستخدام المواد الصّديقة للبيئة. وأعدّت الوزارة الوصية القائمة المصغّرة للمؤسسات التي يمكن اللجوء إليها على أساس تقاسم الأعباء والفوائد، ولكن ضرورة الالتزام بمعايير الجودة والآجال في الانجاز، وخاصة تكوين اليد العاملة. ويستفيد قطاع البناء بالمفهوم الواسع لإنجاز السّكن والمرافق العمرانية العمومية والمنشآت من محيط اقتصادي محفّز وجذّاب، يتميّز أساسا بتنمية قطاع الصناعة المرتبط به مباشرة، مثل جملة مشاريع إقامة مصانع للاسمنت وهي المادة الحيوية التي لا تزال تعاني منها السوق الجزائرية، قبل أن تنتقل في المدى المتوسط إلى مصدر لها إذا احترم المستثمرون  ـ  ويجب أن يحترموا ـ دفاتر شروط إنجاز الاستثمارات الخاصة بمصانع الاسمنت، ومنها تلك التي يتكفّل بها متعاملون خواص يحملون ثقافة الاحتراف والمهنية. ويسمح الظّرف الاقتصادي الرّاهن، أكثر من أي وقت مضى ببلوغ الهدف الاستراتيجي المسطّر لإطلاق مسار صناعة السّكن بالمعايير العالمية، دونما التّفريط في الخصوصيات المحلية أو القفز عليها بالتجاهل أو التّغييب على مستوى الدراسات والتّصاميم العمرانية، بل ينبغي المرور أيضا إلى ردّ الاعتبار لمواد البناء المحلية، على الأقل بالنسبة للمشاريع الصّغيرة كالبناء الريفي الذي ينتظر أن يسترجع هويته الاجتماعية وصداقته للبيئة. ويمكن للمؤسّسات الصغيرة والمتوسطة بما في ذلك التي تولد من رحم برامج تشغيل الشباب والقرض المصغر، أن تنمو في بيئتها لتكون محرّكا لدواليب صناعة السّكن، مستفيدة من دفاتر الأعباء القوية والمثقلة بالمشاريع، وكذا من الشّروط التّمويلية المحفّزة، ومن الموارد البشرية المؤهّلة على كافة المستويات، التي لا تنتظر سوى روح المبادرة والتواجد في الميدان، حيث ورشات تفجير الطاقات الإبداعية واحتكاك الخبرات، وترجمة الإرادة في رفع التّحدي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024