سطرت الجزائر بإرادتها المستمدة من السيادة الشعبية خطوة أخرى على مسار البناء الوطني المتجدد القائم على وحدة الصف بكل أطيافه في ظل تماسك الاستقرار الضامن الأساسي للممارسة الديمقراطية وللتنمية بمفهومها الشامل، في ظل نظام عالمي لا يعطي فرصة للبلدان والشعوب الهشة أو التي تسقط في ألاعيب ما يروج له في العالم من شعارات براقة تبدو مغرية لكنها مدسوسة تعاني من ويلاتها اليوم شعوب عديدة خسرت التاريخ والمستقبل معا. وقد اجتازت بلادنا الموعد الانتخابي للرئاسيات منتصرة بممارسة ديمقراطية عكست كل الآراء وتحملت كل المواقف رغم محاولات يائسة لقوى أجنبية إعلامية ودبلوماسية يعرفها العام والخاص سعت خائبة للاستثمار في المناسبة التي نشطها فرسان جزائريون وتعاطى معها الشعب الجزائري بكل مسؤولية موجها رسالة تفيد بأن لا مجال للمساس بالوحدة الوطنية وبمكاسب الجزائر المحققة بالتضحيات تتصدرها السيادة الوطنية.
إنها ليست نهاية المطاف، بل هي بداية ملحمة جديدة تعزز المكاسب السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة وتعمق الخيارات التي حددها الجزائريون بعيدا عن أي تأثيرات أو ضغوط أو ابتزاز، لتواصل البلاد مسيرتها بتنصيب رئيس الجمهورية في مهامه الدستورية نحو بلوغ آفاق واعدة تتجسد في رحابها كافة التطلعات والآمال بما في ذلك ما يشغل بال المعارضة باعتبارها طرفا يعنيه واقع ومستقبل البلاد. إنه الواقع والمستقبل القائم على أرضية بيان أول نوفمبر، الذي يشكل المرجعية الجوهرية التي تتقاسمها الأجيال لما تحمله الوثيقة التي كتبت بالآلام والتضحيات، من تطلعات في المسائل السياسية الوطنية وتتقاطع معها المطالب التي تفرضها التطورات الموضوعية للمجتمع وفقا لقاعدة الحوار والالتزام بالمصالح الوطنية الكبرى.
إن المنتصر الأول في هذا الموعد، هو الجزائر بالدرجة الأولى في وقت يعرف فيه العالم إقليميا ودوليا هزات وانزلاقات، لا يقبلها الشعب الجزائري الذي لا يمكن أن يساوم في حريته وسيادته ومؤسساته وقيمه الأصيلة، من وحدة وتماسك وقدرة على تحويل اختلاف الرأي مهما كان حادا في بعض الأحيان، إلى طاقة وعنصر قوة لمواجهة التحديات ومقارعة أي خطر محتمل يتهدده في استقلاله وترابه وعزته. ولذلك من الطبيعي أن تتجه كافة الإرادات المخلصة والوفية في كل مناحي الحياة العامة في المجتمع من أحزاب وشخصيات وجمعيات وأفراد إلى العمل بكل ما يتطلبه الظرف من بذل وعطاء من أجل إنجاز الأهداف الوطنية الكبرى في كنف الهدوء والتضامن بما يضع العالم برمته في موقع المحترم للجزائر شعبا ودولة.
وتلوح في الأفق ورشات كبرى لمواصلة مسار الإصلاحات على أساس التوافق من شانها أن تمنح للجميع الفرصة والإمكانية للتعبير في ظل الهدوء واحترام الرأي المخالف عن الانشغال، طالما أن الغاية من وراء ذلك خدمة المجتمع وتحصينه من أي فجوات قد تكون منفذا لدعاة اليأس والفتنة من أصحاب النفوس الضيقة الذين تلتقطهم قوى خارجية لا يهدأ لها بال والجزائر تعرف كيف تلملم أوضاعها وتتخلص من تبعات ما سبق وأن تعرضت إليه من عدوان إرهابي لعشرية كاملة، لتبرز اليوم في المشهد الإقليمي والدولي كقوة ناشئة بناءة للتنمية المستدامة بإمكانياتها وناشرة للسلم لكافة الشعوب ومكرسة للتضامن بين الأمم.
انتصار للجزائر
سعيد بن عياد
27
أفريل
2014
شوهد:648 مرة