فاتورة الاستيراد ليست قدرا محتوما على الجزائر، كما يحلو للبعض ادّعائه في كل مناسبة تتاح لهم، وكأنّ الأمر يتعلّق بعصا سحرية بمجرّد تحريكها تعاد الأمور إلى نصابها. لا نعتقد بأنّ الإكثار من الوصف هو الحل أو السقوط في مطب النمطية والقوالب الجاهزة. عين الصّواب في الوقت الذي قارب سكان الجزائر حوالي ٤٠ مليون نسمة، وهي نظرية اقتصادية معروفة في التوازي بين الإحتياجات البشرية والغذائية. هؤلاء نسوا كل هذا، ونعني بذلك أنّنا لسنا في الستينات أو السبعينات أو الثمانينات، السنوات التي كان عددنا لا يتجاوز الـ ٢٠ مليون نسمة. الرقم تضاعف بشكل مذهل، والكل استقرّ في الشمال، وما يزال الأمر مستمرا دون التفكير في آليات ذات فعالية، وعليه فإنّ الطّلب على الغذاء والماء والكهرباء والغاز والنقل والسكن وغيره تضاعف كذلك، ومن الضروري التكفل بالجميع دون أي إقصاء أو تهميش.
هذه المعاينة الأولية أو التشخيص البديهي لا يبرّر أبدا بأن نترك الحابل على الغارب، وإنما كنّا نأمل أن نسمع حلولا فورية وأفكارا عملية وآراءً بنّاءة، لكن الغلبة كانت للكلام بدلا من العمل. وفي خضم هذا الواقع لابد من التأكيد بأنّ الجزائر قادرة على تقليص فاتورة الإستيراد إلى مستوى منخفض، نظرا لما تتوفّر عليه من قدرات مادية وبشرية هائلة في كل القطاعات الحيوية، سواء في الفلاحة أو الصناعة، في مقابل عزم السلطات العمومية على إعادة تنظيم التجارة الخارجية.
واستنادا إلى مصادر مطلعة بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية، فإن كل ما يستورد من أشياء ليس لها طابع غذائي تحسب على فاتورة الوصية، وهذا تصنيف موجود لدى إدارة الجمارك، كالتبغ، القهوة، المشروبات والخشب وغيرها، أصحابها خواص لكن تسجّل على الجهة السّالفة الذّكر.
هذه إشكالية كبيرة وهامة في نفس الوقت، لم يعثر لها على حل ملموس إلى يومنا هذا، واعتاد المتتبعون على اجترار “ضخامة الفاتورة” دون معرفة مصدرها الحقيقي أو طبيعتها، لذلك كثر الحديث عن هذا الجانب، خاصة خلال الموعد الإنتخابي الأخير.
وحسب نفس المصادر، فإنّ الرقم المتداول غير حقيقي وليس في سقفه المتعارف عليه، نظرا لعدم الفصل ما بين ما هو ذو طابع غذائي وغير ذلك.
وما يستثمر في الفلاحة والصناعة قادر على إحداث تلك الطفرة في مجال التغظية الغذائية، خاصة مع تخصيص ٢٠٠ مليارسنتم للزراعة، وقرابة مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة مخول لها إنتاج كل السلع الموجهة للإستهلاك والموجودة في السوق بنسبة عالية جدّا، يكفي فقط التنسيق بين كل هذه الأطراف للتحكّم أكثر في هذا الإختصاص الإستراتيجي، يقلب المعادلة نحو وجهها الحقيقي والواقعي بتحميل كل واحد مسؤوليته.
بعيدا عن النّمطية
جمال أوكيلي
27
أفريل
2014
شوهد:533 مرة