الآن وبعد أن أسدل الستار عن الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 17 أفريل الجاري، والتي أفرزت عن فوز عبد العزيز بوتفليقة بولاية رئاسية رابعة، بعدما حقّق فوزا ساحقا بنسبة 81,53 بالمائة من أصوات النّاخبين.
تحديات عديدة تنتظر الرئيس بوتفليقة وملفات ساخنة في شقّها الاجتماعي، الاقتصادي والسياسي، والتي تستدعي معالجة سريعة وبصورة جذرية، فالرئيس بوتفليقة يواجهه تحدّي تلبية مطالب الملايين من الجزائريين من مؤيّدين ومعارضين، وتنفيذ ما تعهّد به في برنامجه الانتخابي المتمثّل في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني بالبلاد، ودفع عجلة التّنمية بها من خلال بناء اقتصاد قوي يرتكز على تعزيز فرص الاستثمار خارج المحروقات وتنويع مصادر الطّاقة، وكذا مواصلة الجهود الرّامية إلى المشاركة الدولية في محاربة الإرهاب.
فأهمّ ما ينتظره المواطنون هو إيجاد حلول جذرية لعديد الأزمات والمشاكل التي تتخبّط فيها مختلف شرائح المجتمع، أهمّها ملفا السكن والبطالة، وكذا إيقاف غليان الجبهة الاجتماعية، خاصة فيما يتعلّق بقطاعات التربية، التعليم العالي والتكوين المهني، التي تستدعي تحسينا متكاملا في جميع المجالات، من خلال تكريس مبدأ ضمان تكافؤ الفرص على نحو يستجيب لسوق العمل والاستثمار. أما فيما يتعلق بملف الصحة الذي يبقى أولوية رئيسية، ينتظر المواطنون وعمال القطاع تحسين أداء الصحة العمومية، من خلال إنشاء مؤسسات استشفائية حسب المعاير الدولية في جميع ولايات الوطن، وتدعيمها بأطباء ومختصين، ومعدات صحية متطورة تجنب المرضى عناء التنقل لمسافات طويلة، بحثا عن العلاج في الولايات المجاورة أو في الخارج، كما ينتظر مستخدمي الصحة تكريس قانون جديد للصحة، يتم إعداده من طرف لجنة وطنية مشكلة من جميع كفاءات القطاع بالشراكة مع قطاعات أخرى ذات صلة ينهي معاناتهم.
أما فيما يخص فئة الشباب الذين يشكّلون ثلثي المجتمع الجزائري، فهم بحاجة لمشاريع وبرامج تحارب البطالة وتضمن لهم فرص عمل دائمة، بالإضافة إلى إدماجهم في عالم السياسة، خاصة الشباب من ذوي الكفاءات العليا وحاملي الشهادات عبر فتح المجال أمامهم للتعبير عن آرائهم وأفكارهم بكل حرية.
هذا إضافة إلى ملفات ساخنة أخرى تتعلق بقطاع السمعي البصري، الذي ينتظر التعجيل بتجسيد القانون العضوي المتعلق بالإعلام، وكذا تعميم تقنية الجيل الثالث والرابع للهاتف النقال في جميع الولايات، وكذا تقنية الجيل الرابع للهاتف الثابت، وذلك كخطوة لمواكبة التطور التكنولوجي في العالم.
قطاعات عديدة تنتظر تجسيد وعود الرئيس بوتفليقة على غرار قطاع السياحة، الفلاحة، الأشغال العمومية، وغيرها، التي تستدعي ميزانية كبيرة على مدى 5 سنوات المقبلة، لتطويرها وتجسيد مشاريع تنموية في جميع الولايات والمناطق.
أما فيما يتعلق بالشق السياسي، فإنّ الطبقة السياسية الجزائرية باختلاف توجّهاتها تنتظر ماذا سيفعله الرئيس بوتفليقة؟ خاصة في ظل توسع المعارضة التي تتوقّع مواصلة مسار الإصلاح السياسي الذي بدأه الرئيس المنتخب، عبر السعي للتوصل إلى أكبر قدر من التوافق بين الأحزاب، من خلال تعديل الدستور الذي سيكون أولى المهام التي سيقوم بها، فضلا عن السّعي لتنظيم حوارات مكثّفة لترقية مكانة المعارضة، وجعلها في منأى عن كل محاولات التّهميش.