كلمة العدد

التحدّي مستمر

فضيلة دفوس
26 ماي 2020

أحيت القارة السمراء، الإثنين، يوم أفريقيا المصادف لتأسيس منظمة الوحدة الافريقية المعروفة الآن باسم الإتحاد الافريقي.
ففي يوم 15 أفريل من عام 1958، انعقد المؤتمر الأول للدول الأفريقية المستقلة في «أكرا» بغانا، برئاسة رئيس وزراء غانا الدكتور «كوامى نكروما»، وكان يضم ممثلين من عدّة دول ، و عرض المجتمعون  التقدم الذى أحرزته حركات التحرير في القارة الأفريقية و تصميم شعوب السّمراء على الانعتاق من الهيمنة الكولونيالية، و دعوا إلى تأسيس يوم حرية أفريقي.
ووقع الاختيار على جعل 25 ماي من كل عام  يوماً لأفريقيا، لأنه  يصادف الذكرى السنوية لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية فى 25 ماي 1963، حيث وقعت 32 دولة أفريقية مستقلة في ذلك اليوم  على الميثاق التأسيسي  بعاصمة إثيوبيا، أديس أبابا.
و قد تحدّد هدف المنظمة الفتية آنذاك ، في دعم الشعوب الأفريقية على التحرّر من  أغلال الاستعمار الذي تكالب عليها واستنزف خيراتها و دمّر حياتها ، و القضاء على التخلّف الاقتصادي، و توطيد دعائم التضامن القاري  ، و أخيرا الارتقاء بأفريقيا إلى المكانة التي تليق بها على ساحة صنع القرارات الدولية.
وقد ارتفع عدد الدول الأعضاء في المنظمة من ثلاثين دولة عام 1963 إلى 53 دولة عام2002 .
لكن بعد قرابة أربعين عاما، أعلن الرؤساء الأفارقة أن منظمة الوحدة الأفريقية التي لعبت أدوارا مهمة في تحرير بلدانهم، لم تعد هي الوعاء المناسب لتحقيق طموحات القارة في الاستقرار والتنمية، ودشنوا اتحادا بديلا أطلقوا عليه الاتحاد الأفريقي في التاسع من جويلية 2002  ليواكب التطورات العالمية وما تتطلبه العولمة من استعدادات إفريقية، تحفظ للقارة مصادرها ومقدراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
 و أهم  ما نصَّ عليه القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي ، الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها و استقلالها،  والتعجيل بتكامل القارة السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي ، و تعزيز التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة الشعوب الإفريقية.
 كما حدّد المنتظم القاري مبادئ أساسية  يعمل  في إطارها ، و هي  المساواة و الترابط بين أعضائه ، واحترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال، ووضع سياسة دفاعية مشتركة، ومنع استخدام القوة أو التهديد باستخدامها بين الأعضاء في الاتحاد، و حق هذا الأخير في التدخل في أية دولة عضو طبقاً لمقررات المؤتمر في الظروف الخطرة، مثل جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، والجرائم التي تُرتكب ضد الإنسانية، وحق الدول الأعضاء في طلب تدخل الاتحاد لإعادة السلام والأمن.
اليوم و نحن نحيي الذكرى 57 لميلاد منظمة  الوحدة الافريقية ثم الاتحاد الأفريقي ، يحقّ لنا أن نقول بأنه  ورغم صعوبة المسيرة و كثرة التحديات ، فقد تمكنت المنظمة الأفريقية، في مطلق الأحوال من الاضطلاع بدور الحكم الفعال في عدد من النزاعات الأفريقية الداخلية و رغم اخفاقها في بعض المسائل ، فقد استطاعت أن تجمع القادة الأفارقة دائما في أديس أبابا للبحث عن حلول توافقية  سلمية لقضايا القارة ، و مع ميلاد الاتحاد الأفريقي  بدأ العمل على سدّ نقائص منظمة الوحدة الافريقية ، و مواجهة  التحديات الجديدة التي أصبحت القارة تعيشها  بعد استقلال بلدانها  من نزاعات و مصاعب اقتصادية و إرهاب  و ذلك بفضل الآليات التي استحدثها هذا التنظيم القاري مثل مجلس السلم و الأمن الأفريقي  و قوات حفظ السلام، وفعلا استطاع الاتحاد الافريقي أن يتدخل في عدّة قضايا  وأزمات و يحلّها أو على الأقل  يمنع  تفاقمها أو تدويلها  و آخرها الأزمة التي عاشها السودان السنة الماضية بعد تغيير النظام ، كما بدأ التركيز يوجّه الى التنمية الاقتصادية و البشرية و قبل ذلك و بعده   الى تحرير أفريقيا من المستعمر القديم الذي مازال يهيمن اقتصاديا على ثروات السمراء و امكانياتها.
في الواقع التحديات التي تواجه الاتحاد الافريقي كثيرة و كبيرة، و مع ذلك  ، هناك  إرادة قوية لتحقيق  تطلعات  شعوب القارة في الأمن و الاستقرار و  التنمية و العيش الكريم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024