من مفارقات زمن فيروس كوفيد-19 القاتل، محاولة البشر فهم مجريات الأحداث وتحليلها علميا واجتماعيا ومناقشة الأسباب والانعكاسات وتداعيات الوباء، الذي بات يفتك بالبشرية ويهدد سلامتها ووجودها.
من بين المواضيع التي كثر الخوض فيها، تلك الروايات والأفلام التي سبق وأن تكهنت بفيروس كورونا وبحروب بيولوجية وبأزمات اقتصادية وكوارث طبيعية، شهدت المعمورة أحداثا مشابهة لها في ما بعد.
وإن تكهنت بعض الأعمال الفنية أو الأدبية بمثل هذه الأوجاع والأوبئة والكوارث، فهي لم تلم فعلا بكل الأسباب والنتائج، كونها لا تتطرق للموضوع بواقعية ومنطق، إذ يعد أكثرها أعمالا استشرافية، تدق ناقوس الخطر أمام تصرفات الإنسان الغبية وتعدّيه الصارخ على توازن الطبيعة الأم. كما أن غالبيتها أعمال أبحر أصحابها في مجال علم الخيال، أطلقوا فيها العنان لأفكارهم واستنتاجاتهم وتصوراتهم للأحداث مستقبلا.
صراحة وبكل موضوعية، ليس المهم الآن أن نناقش تطرق هذه الأعمال إلى الفيروس «التاجي» مند سنين، بل الأهم من ذلك أن تستغل البشرية جمعاء الوضع الراهن لإعادة ترتيب الأولويات في الحياة وإعادة النظر في مخلفات الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسات الجيو-استراتيجية التي أبعدت الإنسان عن الإنسان والإنسان عن الطبيعة وجعلته لا يحترم الموازين ويخرق القوانين، يدمر ويلوث بغير حسبان.
ربما هي فرصة البشر لإعادة الحسابات والتفكير في ما هو أهم وأثمن من الرفاهية وغزو الآخر والتسلط على المجتمعات الضعيفة واستعبادها، إنها فرصة يعي بها الإنسان أن الصحة والعافية والسلامة كنز لا يقدر بثمن وأن العلم وجد لحماية هذا الكنز لا لتدميره. إن العمل على توفير محيط أنظف خال من الفيروسات والحروب والأزمات هو الاستثمار الذي يجب على الجميع أن يراهن عليه اليوم قبل الغد...