لا يختلف اثنان في كون الثقافة إسمنت الأمة، لما يتميز به أصحاب هذا الميدان وأبنائه من قوة الحجة والإقناع وفق سبل إبداعية تمرّر رسائل داخل المجتمع، وتغرس حب الوطن في نفوس المواطنين.
ونظرا للميزة التي ينفرد بها المثقف والفنان، فإنّ مسؤولية حماية الوطن من الانزلاقات التي تخرجها من برّ الأمان تقع على عاتق النخبة في هذه الفترة أكثر من أي وقت، خاصة وأنّ الجزائر على موعد مع الانتخابات الرئاسية، هذه الأخيرة التي تتّجه إليها الأنظار وتترصّدها من كل جهة، وتتحرّى تحرّكاتها في حملتها الانتخابية علّ ما سُمي بالربيع العربي يمُدّ جذوره إلى بلاد المليون والنصف مليون شهيد.
وتبقى سياسة الانزواء والقوقعة على النّفس لا تبدي نفعا، لتكون الجزائر في هذه الفترة بالذات في حاجة إلى أبنائها الغيورين على مصلحة الوطن بالدرجة الأولى بعيدا عن المساعي الشخصية وتبادل الاتهامات، فترة يشوبها الغموض وغير واضحة المعالم وكأنّ الانتخابات الرئاسية اكتشاف في بلد تعوّد على هذا الحدث، ورفع التحدي في عديد المراحل ليتم التأكيد على وطنية شعبه، والسعي إلى تحقيق الأمان والسلم في البلد بعيدا على تدخل أي دخيل مفتّـن همّه الوحيد هو إلحاق الضرر بالوطن في كل الميادين.
الثقافة ليست أمّا عاقرا بل أنجبت وما تزال تحمل في أحشائها أجناسا إبداعية، من الأجدر استغلالها في مثل هذه الفترات وتعزيز النشاط الثقافي الذي يحمل رسائل ونصائح، من شأنها إعادة البعض إلى وعيهم ونشر الطمأنينة في قلوب من تسكن الحيرة قلوبهم، خائفين من المستقبل القريب.
أرادت “الشعب” ضمن منبرها الثقافي الأسبوعي لهذا الاثنين أن تفتح صفحاتها أمام المثقف والفنان حتى نقف على موقفه وعلاقته بالانتخابات والسياسة. هذا العمل الإعلامي المهني الذي تعوّدنا عليه في مناسبات خلت، إلا أنّنا وللأسف تلقّينا رفض العديد من أفراد النخبة، الذين أبوا التصريح أو الإدلاء برأيهم في هذا الميدان، إلاّ القلة القليلة التي رافعت وأكّدت على نيتها في الحفاظ على الجزائر، لتحجز في الأخير هذه التساؤلات مكانا في أذهاننا: هل فعلا المثقّف تعرّض للإقصاء كما يقول البعض؟ أم أنّ جرأة الطّرح هي الغائب الأكثر الذي فرض على المثقّف الانزواء والدخول في متاهات التقوقع على الذّات؟
إقصاء أم جرأة تُحتضر؟
سميرة لخذاري
05
أفريل
2014
شوهد:517 مرة