ترتفع حدة المواقف وتختلف هنا وهناك، لكنها سرعان ما يعود الهدوء إلى الساحة لما يتعلق الأمر القضايا الاقتصادية التي تلقي بظلالها على المشهد العام فارضة منطقها لارتباطها بمؤشرات محلية وعالمية لا يمكن تجاهلها أو القفز عليها، ولذلك فان كل قرار يرتكز في النهاية على ما تتوفر عليه الساحة الاقتصادية بجميع مكوناتها. وضمن هذا المنظور توجد سلسلة من التحديات التي تفرض نفسها على صاحب القرار فيستوجب عليه الأمر التعاطي معها بموضوعية ولكن أيضا بحزم بما يفتح أفقا جديدا أمام المجموعة الوطنية في ظل عولمة تستهدف موارد وأسواق البلدان المترددة أو التي تأسرها نقاشات تستنزف القدرات وتبدد الإمكانيات المادية والبشرية التي يعول عليها في بعث وتيرة التنمية.
وفي ضوء ما تفرزه الساحة من خلال النقاش الذي يجري على أكثر من صعيد بما في ذلك ما تعكسه مرآة الحملة الانتخابية، فان مرحلة ما بعد ال17 افريل تطرح تحديات حاسمة لا يمكن أن يتجاهلها أي طرف وذلك على الأقل من الجانب الاستراتيجي بحكم أن لغة الاقتصاد لا تعترف بالمحسنات التي قد تقود صاحبها في مسائل أخرى سياسية واجتماعية وثقافية إلى طرح تصورات فيها من الأحلام والوعود المشروعة الكثير. غير أن الواقعية والمسؤولية تفرضان ضبط ورقة طريق تتعلق بجملة تحديات يمكن من خلال معالجتها وتقديم إجابات مواتية لها إيجاد مفاتيح الحلول للمستقبل.
ومن الطبيعي أن يتعلق الأمر أساسا بضرورة الانتقال بسرعة إلى معالجة ملفات جوهرية على غرار توسيع حوكمة تسيير الجهاز الاقتصادي وتعميق إصلاح المنظومة البنكية وبالموازاة تنشيط مسار مكافحة الفساد من اجل تكريس عنصر المصداقية الذي يؤثر مباشرة بالاستثمار الوطني والأجنبي وخصوصا إعادة صياغة الخيارات الكبرى خارج المحروقات، علما أن الاستثمار خارج المحروقات يتطلع إلى تعميق وتوسيع آليات تجسيد البرامج والمشاريع الطموحة في مجالات تتوفر فيها فرص النجاح من حيث المناخ الايجابي والموارد والتحفيزات ولكن وهو المهم جاذبية السوق وضماناتها.
إن الأمر يتعلق في الجوهر بضرورة التوصل إلى حشد وتجنيد كافة الطاقات المحلية والوطنية وإقحامها في ديناميكية التنمية المستدامة بروح من الإبداع والابتكار وبحس عال من المسؤولية التي ينبغي أن يتمتع بها المقاول والمتعامل بعيدا عن تلك التصنيفات التقليدية من قطاع عام وخاص، بقدر ما ينبغي أن يلتقي الجميع ممن لديهم قناعة بان السوق الاستثمارية تحمل فرصا ثمينة وفي المتناول، لمن يستجيب للمعايير الاحترافية بمن فيهم الشركاء الأجانب الذين لديهم قناعة راسخة بان الجزائر وجهة استثمارية جذابة في قطاعات عديدة خارج المحروقات، على غرار الفلاحة والصناعة والسياحة مع ترشيد التمويلات المرصودة لها وفقا لدفاتر شروط بما يساعد على إنتاج القيمة المضافة وكذا فرز ساحة المتعاملين بتضييق الخناق على منتهزي الفرص من المضاربين وذوي النفوذ البيروقراطي.
حشد الطاقات للمستقبل
سعيد بن عياد
04
أفريل
2014
شوهد:538 مرة