صحيح أن السنغال من أحرص الدول الإفريقية على الديمقراطية، باعتراف المجموعة الدولية كلها. فهي تجسّدها في الميدان من خلال احترام آراء المواطنين ورغبتهم في اختيار من يقودهم، الأمر الذي مكّنها من امتلاك مؤسسات دستورية كاملة الشرعية.
والأصح أن ما بلغه هذا البلد، يعود بالأساس إلى وعي الشعب السنغالي، فهو من قليل شعوب القارة التي تعرف هدوءاً واستقرارا، فالناس منهمكون في العلم والعمل والتنقيب عن الذهب والملح والصيد بعيدا عن العنف والأسلحة، ولا يفوتهم أبداً الإدلاء بأصواتهم يوم الاقتراع والحرص على ضمان النزاهة احتراما لإرادته ولصورة بلاده...
لقد تأكد وعي المجتمع السنغالي، مطلع هذا الأسبوع، عندما رحّبت غالبيته بقانون منع الترويج للتدخين واستهلاك التبغ في الأماكن العمومية والمؤسسات التعليمية، الذي صادق عليه البرلمان بالأغلبية الساحقة، وحتى من يمتهنون حرفة بيع السجائر، لم يتعرضوا بأيّ انتقاد له، معترفين أن المضرة التي يلحقها بصحة الإنسان يستحق أن تفرض عليه قيود، فيما رأى آخرون أن القانون سيؤدي إلى ارتفاع أسعاره بشكل كبير، الأمر الذي يشكل حافزا مهمّا للتوقف عن استهلاكه.
ما يُستفاد من صدور القانون وقبوله في أوساط العامة، أن هناك إرادة جماعية في السنغال تريد مجتمعا سليما معافى؛ مجتمع يحافظ على صحة بدنه وصحة عقله ومنسجم تفكيره.
وليست السنغال بالدولة الغنية أو يناطح الدول النامية كجنوب إفريقيا على الأقل، وإنما هناك عدد معتبر من سكانه لا تصلهم الكهرباء حتّى، غير أن الهدوء الذي يعرفه والبيئة المسالمة التي يعيش فيها والأهم من ذلك الانسجام بين الحكومة والشعب، جعله ينجح في أمر لا يحدث إلا في الدول الاسكندينافية والمتقدمة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.