بالموازاة مع مسار الحوار الذي أطلق الرئيس تبون المبادرة لإرسائه من أجل إنجاز التغيير وفقا لما يأمله الشعب الجزائري وانسجاما مع مطالب «الحراك» السلمي ضمن القواسم المشاركة في المسار الذي رافقه الجيش الوطني الشعبي، تقف التحديات الاقتصادية منتظرة التفات الشركاء إليها قصد إحداث الوثبة التي تعيد الديناميكية لعجلة التنمية من خلال إعادة تنشيط الاستثمار في المجالات الخلاقة للثروة والقطاعات التي تملك فيها السوق الجزائرية عناصر النمو إذا ما تمت إجادة توظيف أوراقها وفقا لرؤية استراتيجية تضمنت ورقة الطريق المعلنة يوم التنصيب الرسمي ملامحها الكبرى.
أعطى معرض الإنتاج الجزائري، الذي افتتحه، أمس، كخطوة عملية تعكس قناعة الرجل بالذهاب مباشرة إلى مواجهة أمهات المشاكل وتصفية الملفات الشائكة وإزالة العراقيل التي تقف أمام المؤسسات المنخرطة في مشروع الانتقال الاقتصادي وتكبل المستثمرين الشرفاء بفعل بيروقراطية قاتلة للإبداع ومحبطة للعزائم، تتوفر المنظومة الاقتصادية بمختلف فروعها على إمكانات هامة يمكن البناء عليها والانطلاق في تأسيس البنية التحتية للنمو التي تحمل تطلعات الجزائر الجديدة من رفاه وازدهار وشغل وتنافسية أمام قوى اقتصادية تستهدف الأسواق الناشئة ومصادر الطاقة والثروات تشتغل ضمن خطط جيواستراتيجية ينبغي إدراك مخاطرها على المديين المتوسط والطويل.
يكون ذلك طبعا بالتعامل إيجابيا مع التوجهات الجديدة التي لم يعد للشعارات مكان فيها وإنما الوقت للمبادرة والعمل الملموس، في ظل انتهاج الواقعية بالاعتماد على المقدرات الوطنية التي تحتاج في الظرف الراهن، الحساس والمصيري، إلى إعادة تجميع وترتيب الإمكانيات والوسائل المادية والبشرية والعلمية.
يكون ذلك وفقا لمعايير النجاعة والجدوى والانسجام والتكامل بين القطاعات والفروع من أجل صياغة النموذج الممكن إنجازه بأقل كلفة وفي أجل معقول، وهو تحد في المتناول إذا ما أدرك الفاعلون في الساحة مدى القدرات الموجودة التي تتطلب فقط التثمين والإدماج.
من الفلاحة إلى الصناعة مرورا بالسياحة يوجد فضاء كبير يستوعب مشاريع استثمارية من خلال مؤسسات ناشئة وأخرى صغيرة ومتوسطة سوف تكون البنية الصلبة للاقتصاد على المدى القصير، يحملها على عاتقهم رؤساء مؤسسات وأصحاب مبادرة استثمارية خلاقة للثروة وتنسجم مع خيار اقتصاد إنتاجي وتنفسي يقوم أساسا على الابتكار والتجديد.
ضاع وقت كبير في الأشهر الأخيرة قبل أن تتضح الصورة بعد أن أدرك المواطنون مدى الخطر المحدق بالنظر إلى بيانات المشهد الاقتصادي التي يمكن إعادة الإمساك بمؤشراتها والدفع بها على طريق التصحيح والتعزيز من بوابة النمو، الذي لا يحتمل البقاء على المستوى البطيء ويتطلب الرفع من وتيرته بأسرع ما يمكن، من خلال دخول الساحة من وصفهم الرئيس تبون بالمتعاملين «الشرفاء» لكسب المعركة الحقيقية.