أنهى تصريح رئيس الجمهورية الذي أعلنه بمناسبة إحياء اليوم الوطني للشهيد، الحالة الضبابية التي لفت الساحة الوطنية وكادت أن تتسرب إليها شكوك ومغالطات أخذت أبعادا خطيرة انعكست مباشرة على المؤسسات الدستورية، وكان الجيش الوطني الشعبي في صميم مخطط له امتدادات خارجية تبين أنه يستهدفه ومن ورائه يستهدف ضرب استقرار البلاد والمساس بالروح المعنوية للقوى الحية في كافة القطاعات في وقت تواجه فيه الجزائر محيطا إقليميا متوترا يتطلب الالتفاف حول المصلحة الوطنية الكبرى وتجنيد كافة الطاقات الوطنية لإحباط أي مخطط تحيكه دوائر أجنبية يغيضها أن تسترجع بلادنا مكانتها وتجمع عناصر قوتها بما يعزز الدفاع عن المكاسب ويصون السيادة الوطنية ويحفظ كرامة الشعب.
وليس أفضل من يوم الشهيد لمخاطبة الضمير الوطني الحي على كافة المستويات من اجل الانتقال إلى مرحلة متقدمة على مسار البناء الوطني المتجدد بعيدا عن أي حسابات ضيقة حزبية كانت أو شخصية، ذلك أنه أمام مصلحة الجزائر السيدة بكامل موروثها التاريخي والحضاري والسيادي وحصيلة مكاسبها في مختلف الميادين تسقط كل الاعتبارات الضيقة وتزول الخلافات في الرأي، بل يتم تحويلها إلى طاقة لتجديد النفس وبعث الطموحات الوطنية الكبرى إلى الأمام ومن ثمة تفويت الفرصة على الذين ينصبون المكائد لبلادنا فيروجون أوهام وأراجيف وينسجون من الخيال خلافات يوهمون بها الرأي العام لإشاعة مناخ يكرس التشكيك ويدخل الفتنة المقيتة التي دفع المجتمع ثمنا لها في مراحل سابقة.
ووضع رئيس الدولة النقاط على الحروف بأنه لا مجال على الإطلاق للمساس بالدرع المتين للبلاد من خلال استهداف مؤسسة الجيش الوطني الشعبي والمصالح الأمنية التي كما أشار إليه تبقى هدفا لقوى ودول تحرض على زعزعة الجدار الوطني الحصين، الذي يتطلب الدفاع عنه بالعودة كل في موقعه إلى الروح الوطنية بما يعزز إرادة التصدي لكل مساس باستقرار الأمة. وضمن هذا التوجه يندرج عمل المؤسسات الدستورية والقانونية بما فيها دائرة الأمن والاستعلام التي تبقى مجندة تمام التجند لأداء مهامها بشكل أمثل على غرار بقية هياكل الجيش الوطني الشعبي، الذي يواصل تحمل التزاماته الدستورية دون الالتفات لما يروج له أعداء الأمة، وهو يدرك تمام الإدراك أن التحديات تقتضي التزام اليقظة والتجنيد المستمر للرد بكل القوة الضاربة التي يقتضيها أي خطر محتمل.
إن مكاسب التماسك الوطني والعودة إلى الجذور الوطنية من الخصوصيات التي يتميز بها الشعب الجزائري الفخور بمؤسساته الدستورية وفي مقدمتها الجيش الوطني الشعبي، الذي لا يتأخر عن القيام بواجباته المحددة قانونا وفي مقدمتها السهر على أمن الحدود بكل ما تتطلبه من جهود مضنية وإرادة لا تلين، ومن ابرز انجازاته المصيرية التدخل البطولي والاحترافي لوحداته القتالية والأمنية في التصدي للاعتداء الإرهابي متعدد الجنسيات على القاعدة الصناعية لإنتاج الغاز بتيقنتورين، وقبل ذلك العمل الجبار في مقاومة الإرهاب بكل التضحيات التي تطلبها الموقف، وقبل كل ذلك أيضا الأعمال الجبارة في تجسيد مشاريع التنمية والهبة التضامنية أثناء الكوارث الطبيعية.
لقد أثبتت الجزائر دوما قدرتها على لملمة أوضاعها مهما كانت الصعوبات وسبق أن واجهت الهجمة الإرهابية العنيفة والمدمرة بإمكانيات شعبها وقدرات مؤسساتها الدستورية يتقدمها جيشنا الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، وسوف تفوت الفرصة مرة أخرى على أعدائها التقليديين وغيرهم ممن لم يهضموا بعد مركز الثقل الذي محله إياها موقعها الجيوسياسي ودورها التاريخي في مكافحة الاستعمار وتصفيته وحرصها الواضح على الدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها بحرية. وستواصل لحمة متلاحمة القيام بما يحملها التاريخ والمستقبل دولة ذات سيادة كاملة تقوم على أسس القانون وسلطانه بكامل ما يقتضيه الحكم الراشد من تعزيز للحريات ومكافحة للفساد وإشاعة لقيم الديمقراطية السليمة وتحصين للهوية الوطنية مع الانفتاح على العالم دون الذوبان في الغير وبما يخدم المصلحة الوطنية الكبرى ويحفظ مستقبل الأجيال.
إن الصراعات الدولية تتجه بشكل دقيق لاستهداف السيادة الوطنية للدول خاصة تلك التي تتوفر على موارد الطاقة أو تمثل أسواقا جذابة، بل الدول التي ترفض الانصياع للقوى الكبرى. وليس غريبا أن تواجه الجزائر مؤامرات بأشكال مختلفة تجد أحيانا من ينخرط فيها عن وعي أو بغير وعي، لكن سرعان ما تسقط حساباتهم أمام صلابة الجدار الوطني المرتكز على الحس الوطني للشعب الجزائري وتماسكه عند الشدائد مستندا لقوة جيشه بكافة هياكله التي تواصل حمل الرسالة النوفمبرية المكتوبة بداء الشهداء الأبرار الذي أودعوا تحرير الوطن وحريته وسلامة أراضيه والسيادة الوطنية عل ثرواته وكرامة شعبه أمانة في أعناق الأجيال المتعاقبة.
كـل شـيء يهـون أمـام مصلحـة الجــزائـر
سعيد بن عياد
18
فيفري
2014
شوهد:536 مرة