مثلما فشل مؤتمر “جنيف ١” قبل عام ونصف في حلحلة خيوط الأزمة السورية، أخفق “جنيف ٢” في إيجاد نقطة تقاطع يقف عليها الإخوة الفرقاء في بلاد الشام قصد البحث عن حل سلمي توافقي ينهي سياسة جلد الذّات التي خلّفت في ظرف ثلاثة أعوام أزيد من ١٣٠ ألف قتيل، وأضعافهم من المصابين والملايين من النازحين واللاجئين الهائمين على وجوههم في ظروف إنسانية مأساوية.
لقد أحيط “جنيف ٢” بهالة إعلامية كبيرة وبدا جليا بأن المجموعة الدولية تتقدّمها روسيا وأمريكا هي التي دفعت إلى عقده وأرغمت المعارضة المتشرذمة على حضوره.
ورغم الخلافات العميقة بين طرفي الأزمة السورية علّق الجميع الأمل على إمكانية إحراز مؤتمر السّلام هذا نتائج إيجابية، تقلّص المسافة بين النظام في دمشق والمعارضة التي كانت ولازالت تعوّل على تدخّل عسكري أجنبي يحسم المعركة لصالحها، ويطيح بالأسد ويقعدها مكانه.
لكن النجّاح الوحيد الذي يمكن أن يحسب “لجنيف ٢” أنه وُفّق في جمع طرفي الأزمة السورية حول طاولة مفاوضات واحدة وغير ذلك، فقد أخفقت اللقاءات الماراطونية التي قادها الوسيط الأممي الأخضر الإبراهيمي، في تذويب كرة الثلج التي تراكمت على مرّ سنوات الدم والدموع.
ومثلما ذهبا، عاد فريقا التفاوض السوريين، بخفي حنين، خلافاتهما أبعد من أن تجد نقطة تقاطع، وعروضهما للحلّ، خطّان متوازيان لا يلتقيان، فالنظام يتحدث عن محاربة الإرهاب، والمعارضة تتكلم عن سلطة انتقالية لا مكان فيها للأسد، وبينهما شعب يعاني الويلات.
ورغم فشله في تحقيق اتفاق يحل المعضلة السورية، لا يجب النظر إلى “جنيف ٢” من خلال نظارة سوداء، إذ بالإمكان لو صدقت النوايا، ومن خلال بعض الدّفع، والتنازلات أن يصل فرقاء سوريا إلى أرضية تفاهم في جولة قادمة من المفاوضات.
يبقى فقط أن نشير، إلى أن الحل في سوريا لا يملكه النظام والمعارضة فقط، بل أطراف ظاهرة ومستترة عديدة تتحكم بخيوط الأزمة حتى لا تقول أنها صانعة هذه الأزمة.
تعثّر ... لا فشل
فضيلة دفوس
17
فيفري
2014
شوهد:589 مرة