أبناؤنا في خطر . .

04 فيفري 2014

يأخذ الإضراب الجماعي الذي تعاني منه المنظومة التربوية أبعادا خطيرة تستدعي التعجيل باتخاذ التدابير القانونية والقضائية التي يستلزمها الموقف، لإنهاء وضع أشبه بتمرد غير معلن، يرهن مصير ملايين التلاميذ ويهدد الانسجام الاجتماعي.
ماذا يعني أن لا يمتثل المعنيون لحكم العدالة بعدم شرعية الإضراب المفتوح الذي تقوده نقابات يبدو أنها تجاوزت الخطوط الحمراء، وكان أصحابها لا يأبهون لمصلحة التلاميذ ولا لقلق الأولياء؟. وأي مثال لأساتذة لا يحترمون حكم القضاء، وهم الذين يفترض أنهم يحملون رسالة العلم ومكافحة الجهل بكل ما تتطلبه من صبر وتضحية وإيثار عن النفس.
لقد كان المجتمع برمته يتعاطف مع شريحة المعلم والأستاذ، ولطالما وقف الأولياء في خندق الدفاع عن مطالبه إلى أن انتزع الجانب الأكبر منها، فتحسنت ظروفه المادية والاجتماعية عموما وتعزز مركزه الاجتماعي خاصة بالنسبة لمن انخرط في تجارة الدروس التدعيمية والخصوصية، دون أن يتعرض للتقييم أو الحساب بالنظر لنتائج نهاية الموسم الدراسي التي لا تزال تدفع الكثير من التلاميذ إلى الشارع.
هل يعقل أن يبقى الجميع يتفرج أمام مشهد لا أخلاقي من المتسببين فيه، يجسد حالة خروج صريح عن القانون، بينما المدرسة العمومية تتعرض لعبث غير مسبوق، وكأنها يتيمة فيما تعد مؤسسة جمهورية يحميها القانون ويمنع الانفراد بها  من أي كان. ومن ثمة لا يمكن أن يستمر الانتظار طويلا إلى أن تتراجع الحيوية التعليمية في نفوس أبنائنا فتفقد المدرسة آخر ما تبقى لها من قيمة معنوية فيحدث الانكسار والشرخ الاجتماعي.
وإذا لم تبادر الدولة بإجراءات حاسمة وصارمة بتجنيد الإمكانيات والوسائل القانونية والقضائية والبشرية التي تتوفر لدى القوى الحية للبلاد من اجل إنهاء أمر واقع يثير الاشمئزاز وهو محل إدانة بأقوى العبارات، سوف تتكرس سابقة خطيرة تحيد بالمدرسة العمومية عن طابعها الأصيل كبوتقة تتحقق فيها مبادئ بيان أول نوفمبر خاصة ديمقراطية التعليم النوعي وتكافؤ الفرص وانصهار الفوارق. والنظر للطابع الجمهوري للمدرسة لا يحق لأي كان ومهما كان وتحت أي ظرف استعمال نفوذه المهني وثقله الاجتماعي التربوي من أجل مطالب يمكن معالجتها بالحوار الاجتماعي وفي الأمد الزمني اللازم دون استعمال التلاميذ دروعا بشرية.
الآن تقف وزارة التربية على خط مسؤولية تاريخية، وذلك بوضع المعنيين أمام مسؤولياتهم، والفصل بين من يواصل العمل متجاوزا النزعة النقابية وتشخيص الأزمة من جهة ومن يصمم على خيار إضراب هو اقرب لاستقالة جماعية ورفض العمل دون مبرر. ولا يمكن للمجموعة الوطنية أن تستجيب لمن يرمي بأبنائها إلى جحيم الجهل ويضعونهم عرضة لسنة بيضاء، بينما تتوفر البلاد على الوسائل البشرية التي يمكنها أن تملا الفراغ فيتم الحسم نهائيا في وضعية غير طبيعية، وحينها يتم الفصل بين المعلم المربي ونظيره التاجر الانتهازي.
سعيد بن عياد

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024