السقوط الحرّ

فضيلة دفوس
03 فيفري 2014

لن نجانب الصّواب بكلّ تأكيد، لو جزمنا بأنّ الإسلاميين ركبوا قطار “الثورات” التي هزّت بلدان ما يسمى بالرّبيع العربي، وهو يسير، ليصلوا عبره إلى تحقيق الحلم الذي طالما روادهم لأزيد من ثمانية عقود، ويسيطروا على الحكم، بعدما أفرغته جموع الشباب المنتفضة وتضحياتها الجسام، من ديناصورات ظلّت ملتصقة به لعشرات السنين.
لقد قطف الإسلاميّون دون جهد أو تضحية تذكر، أزهار الرّبيع الوهمي، بعد أن طرحوا أنفسهم كبديل للأنظمة المخلوعة مستثمرين في حالة اليأس والحرمان التي تعيشها الشعوب، وجاءتهم السّلطة على طبق من ذهب، وسطع نجمهم عاليا وهم يحققون الفوز تلو الآخر في جميع الاستحقاقات، ويكتسحون البرلمانات والحكومات إلى أن بلغوا سدّة الحكم في مصر وتونس، واعتقد كثيرون بأنّ النظام الإسلامي سيكون قدر كل البلدان التي أطاحت بأنظمتها.
لكن وصول الإسلاميّين إلى السّلطة ورغم أنّه تمّ بطريقة شرعية وعبر صناديق الاقتراع، فإنه أدخل مصر وتونس في حالة من الفوضى والعنف والإصطدامات الدّموية والإنسدادات السياسية، ما جعل الأرض تهتز وتزلزل الأنظمة الفتية، ليكون سقوط الإسلاميّين سريعا مثلما كان صعودهم تماما، وتخيب في النهاية آمال الحالمين والمراهنين على الإسلام السياسي.
في الواقع هناك قراءآت متباينة تفسر عدم صمود حكم الإسلاميين طويلا، بعضها تدينهم وتحمّلهم مسؤولية ما آل إليه وضعهم، وتقول بأن وصولهم إلى السلطة كان خطأ كبيرا، فهم يفتقدون حسبها إلى التجربة والكفاءة التي تمكّنهم من إدارة شؤون دولة بعد أن ظلّوا طول حياتهم في مقعد المعارضة المشاكسة، كما تتهمهم بارتكاب نفس أخطاء الأنظمة المخلوعة وتؤكّد بأنهم عمدوا إلى استنساخ سياستها الإقصائية، فاحتكروا السّلطة، وقاموا في ظرف قصير “بأخونة” كل مناحي الحياة وتعفّنت الأوضاع تحت سلطتهم، فانهار الاقتصاد والأمن وتردّت الأحوال الإجتماعية، وكان ضروريا كما تضيف هذه القراءة التحرّك بسرعة لإعادة القطار إلى السكّة بعد سحب المقود من الإسلاميين.
وفي المقابل، هناك من يعتقد بأن الإسلاميّين صعدوا إلى السلطة في الزّمن الصّعب والتوقيت الخاطئ وبأنّهم لم يفشلوا في إدارة الحكم بل أُفشلوا من طرف الذين إنتزعوا حقهم غضبا.
ومهما تكن القرءات، فالأكيد أن تجربة الإسلاميين هي الأقصر عمرا مقارنة بالتجارب السياسية العلمانية على اختلافها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024