موعد يكتشف فيه الإنسان جانبه الطيب الخفي

سعيد بن عياد
05 أفريل 2019

التحقت رفقة ابن أختي منصف وابن أخي هاني بالزميلات والزملاء في جريدة «الشعب»، للمشاركة عن طيبة قلب، وبحب في عملية غرس للأشجار تمت على مستوى غابة باينام، تيمنا بربيع يرتسم في الأفق، يبسط الخير والطمانينة والتعايش.
بدون مقدمات انخرطت رفقة مرافقي البرعمين في مباشرة العملية وسط حضور أظهروا جميعهم طاقة إيجابية في المساهمة ضمن مبادرة نسج مشروع يؤسس لبناء ثقافة تصالح بين المجتمع والغابة، بل تصالح الإنسان مع نفسه، حيث بالموازة مع غرس أشجار مكنت الفرصة الثمينة أيضا بغرس تلك الثقافة في أنفس الأطفال الذين صنعوا التميز.
كان نصيب فريقي المشكل من كهل وطفلين صبيحة الخميس غرس أربعة فسيلات أشجار، تصببت على أحواضها حبيبات العرق قبل أن يتم سقيها بالماء. المؤكد كما عكسته ملامح الوجه وسط اخضرار طبيعي يبعث على العطاء والبذل بسخاء، وكانت بحق لحظات لا يمكن أن تتكرر إلا في مثل هذه المناسبة، حيث تخرج الذات من وسطها الوظيفي والاجتماعي المثقل بالروتين، إلى فضاء تسمو فيه القيم في ذات البشر من طيبة واحترام ورقي بالذات.
في تلك الأوقات التي مرت بسرعة اكتشف كل واحد من الحاضرين المشاركين أنه يزخر بطاقة مفيدة لمحيطه ويمتد مفعولها لأجيال قادمة، تماما كما قام به أناس من قبل، غرسوا أشجارا بحجم غابات شاسعة تظل اليوم على ما حولها تمنح الأوكسجين وتضمن التوازن البيئي. وأنت تمنح بعض جهدك وعرقك في محطة تعكس روح البناء والنماء لفائدة المجتمع تكتشف ذاتك السمحة والقدرة على النشاط، وتلمس إنسانيتك التي غالبا من تهمشها يوميات الحياة المثقلة بالمتاعب والازدحام والتوترات ما ينعكس على سلوكات الفرد.
كانت العملية التي انشرحت فيها الصدور وسقطت فيها المثبطات الناجمة تراكمات طغيان المادة على سموالجانب الإنساني وامتزجت فيها الافكار ملتفة حول قيمة البذل والعطاء من خلال غرس فسيلة شجرة محطة في الذاكرة وموعدا لنقل تلك الثقافة للأطفال بالأخص الذين يمثلون امل المستقبل الذي بدات ترسم ملامحه الجديدة بعد اجتياز منعرج التغيير. الجميل أيضا اكتشاف مدى حرص كل واحد من الجنسين ومن مختلف الأعمار على إنجاز أكبر عدد من عمليات الغرس، التي ترمز لغرس الحب والسلام والأمل، خاصة وأن الموقع الذي احتضنها تعرض في الماضي لحريق أتى على أشجار ونباتات سوف تولد مجددا لا محالة.
افترقنا بعد سويعات على أمل متابعة المبادرة وأن يتجدد اللقاء في مواعيد وفي فضاءات أخرى تبرز فيها تلك القيم الراقية بحيث تجمع البشر وتوطد الروابط لترسم لوحة فسيفسائية بكل الألوان والابتسامة.
كلمة يجدر ذكرها هي أن من فاتته المشاركة ضيّع فرصة ثمينة يتبغي اقتناصها إن عادت مستقبلا، خاصة وأنها غير مكلفة بل مفيدة على أكثر من صعيد، نفسي، اجتماعي، إنساني وأيضا مهني وصحي. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024