كلمة العدد

فسحة للأمل

فضيلة دفوس
12 فيفري 2019

فضّل الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، وهو يتحدّث على هامش القمة الافريقية المنعقدة السبت الماضي بالعاصمة الاثيوبية، الابتعاد  عن لغة التشاؤم واليأس التي ظلّت تصوّر القارة السّمراء على أنّها حاضنة للنّزاعات ومظاهر البؤس والتخلّف، وقرّر نزع نظّارته السّوداء ليبصر الوجه الآخر لإفريقيا حيث ترتسم ملامح الأمل والاستقرار، وبوادر التطور والنهضة.
بعيدا عن الصّورة النّمطية التي ارتسمت في أذهان الناس عن إفريقيا، قرّر غوتيريس أن ينقل للحاضرين في أديس أبابا ومن خلالهم للعالم أجمع،  نسائم الأمل التي أصبحت تنعش أجواء السّمراء،بفضل ما تشهده من اتّفاقات للسّلام، وما تعيشه من عمليات انتقال سلمي للسّلطة عبر انتخابات هادئة ونزيهة.
الأمين العام الأممي، توقّف عند المصالحة التاريخية بين إثيوبيا وأريتريا، والتي أنهت عقدين من الحرب الباردة بينهما، وأثنى على اتّفاق السّلام الموقّع بين أطراف النزاع في دولة جنوب السودان لوضع حدّ للتوتر الدموي المستمر منذ خمس سنوات، وهنّأ بالتسوية التي تمّ التوصل اليها قبل أسابيع في جمهورية افريقيا الوسطى بين الحكومة و14 مجموعة مسلّحة، ما عزّز الآمال بإنهاء الأزمة التي تشهدها البلاد منذ 2012، والتي أدت إلى نزاع أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد أكثر من مليون نسمة، وتعهّد غوتيريس بالعمل لأجل التحرك بنفس الاتجاه في ليبيا، قبل أن يشير بفخر واعتزاز  الى الانتخابات التي نظّمت في عدّة دول مثل مدغشقر وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وحظيت بالنجاح الكبير، حيث خالفت كلّ التوقعات التي كانت تقول بأنّها ستقود إلى مأساة وعنف  لكنها في النهاية جرت في سلام وتحقّق الانتقال بهدوء تام.
 لا شكّ أن غوتيريس لم يكن يبالغ عندما أضاف أمام المجتمعين بأديس أبابا، أن السّمراء ستصبح مثالا لحلّ النزاعات والوقاية منها، وبأن الفضل  في هذه الانجازات العظيمة تعود إلى أبنائها وإلى جهود الاتحاد الأفريقي، الذي يراهن على ضمان صمت المدافع في القارة الافريقية ابتداءً من 2020.
في الواقع كلمة الأمين العام الأممي التي ابتعدت عن خطابات اليأس والاحباط، لم تكن غير قطرة من فيض الانجازات والتقدم الحاصل في أفريقيا، ليس فقط على المستوى السياسي وجهود إنهاء النزاعات وإقرار الاستقرار، بل على المستوري الاقتصادي حتى أن هناك دولا نهضت من تحت الركام وهي اليوم تحقّق طفرة في التنمية والتطور، وخير مثال على ذلك دولة رواندا التي ارتبطت في الأذهان بحرب الإبادة الجماعية التي زلزلت كيانها سنة 1994 وأسفرت عن سقوط ما يزيد على 800 ألف قتيل خلال مئة يوم فقط، لكن وعلى مدار ربع قرن فقط تغيّرت الصورة تمامًا، لتتحول من شلالات الدم المتدفّق في شوارعها، إلى معجزة اقتصادية حقيقية، فرواندا شهدت النمو الاقتصادي الأكبر على مستوى العالم منذ 2005، وهي اليوم  قبلة السائحين الأولى في القارة السّمراء.
 وليست رواندا فقط التي تشهد اقتصادا صاعدا بل الكثير من الدول الأخرى مثل كينيا وكوت ديفوار وغيرهما.
وفي الأخير نؤكّد بأنّ السّمراء ليست مرتعا للارهاب والحروب والمتشرّدين فقط، بل هي أيضا  للحوار والديمقراطية والتّنمية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024