كلمة العدد

الواقعية

سعيد بن عياد
26 جانفي 2019

تلقي المؤشرات الاقتصادية والخيارات الممكنة، التي يعتقد أنها تقود إلى انفراج الوضع المالي الصعب، بظلالها على المشهد الراهن. وتثير الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أفريل القادم نقاشات مستفيضة حول التوجهات التي يعتقد كل طرف أنها سليمة لتجاوز الأزمة، غير انه بالنسبة للجانب الاقتصادي لا يبدوهامش الاختلاف كبيرا. ـوالأرقام والنتائج التي حققها الاقتصاد الوطني، كما تضمنها أخيرا تقرير «أكسفورد بيزنس غروب»، تؤكد أن المعالم الكبرى للمرحلة المقبلة لا يمكن أن تخرج عن إطار مواصلة بناء اقتصاد إنتاجي وتوسيع نطاق تحرره أكثر من التبعية للمحروقات.
لا يمكن بناء تصور لمستقبل بلد واجه أزمة معقدة ويطمح لبلوغ أهداف عالية على صعيد النمووالرفع من النتاج الداخلي الخام وتعزيز جانب الرفاهية للساكنة، بتسويق خاطب مثبط، يكرس في الأذهان حالة إحباط بالتعاطي السلبي مع الوضع الاقتصادي. إن الشركاء الأجانب والمتعاملين من مختلف البلدان، الذين يتابعون الوضع، ويبدون الرغبة بين قناعة لدى البعض وتردد لدى البعض الآخر، للدخول إلى السوق الجزائرية، يحتاجون إلى أن يخيم الهدوء على النقاش الاقتصادي حتى تتضح الرؤية.
في هذا الإطار ينبغي أن يلتزم كل من يدخل هذا المشهد بضوابط تتعلق بالأمن الاقتصادي والمالي لبلد بحجم الجزائر يحذوه الطموح لان يحقق الأهداف الإستراتيجية للتنمية لفائدة أجيال بكاملها. لذلك، ليس من الحكمة والمسؤولية على هذا المستوى، أن يحاول البعض مبكرا تجهيز خطاب انتخابي يسوق برامج غير دقيقة عن مختلف جوانب الوضعية الاقتصادية، دون مراعاة أهمية استقرار الصورة التي تساعد البلاد على تأكيد استقرار مؤشراتها الكلية وسلامة الخيارات المسطرة.
في مسائل تتعلق بمستقبل الأجيال لا يمكن المتاجرة بتقديم أوهام من البعض وتصوّرات اقرب للمغامرة من البعض الآخر، في ظل اتجاه العالم إلى صراعات شرسة حول مصادر التنمية خاصة الطاقة وبروز اتجاه البلدان القوية من خلال شركاتها العابرة للجغرافيا للهيمنة على الأسواق.
من الضروري أمام مثل هذه التحديات أن ينتهج المعنيون في مخاطبة الرأي العام لغة الواقعية في إطار من الهدوء والموضوعية، بالرجوع إلى الخبراء وأهل الاختصاص في تقييم الأمور ذات الشأن الاقتصادي والتشخيص والتقدير لكل مؤشرات القطاعات التي يرتكز عليها النمو، وترك النزعات الضيقة جانبا، والتطلعات الشخصية والفئوية جانبا.
يكفي ما يصدر عن مراكز قوى تزعجها العودة القوية للجزائر في الأسواق تسعى لعرقلة النهوض مجددا، خاصة بعد أن تأكدت قدراتها التنفسية في بعض الفروع في ضوء إعادة انتشار المؤسسات الجزائرية إقليميا خاصة في إفريقيا، ولعل من الوطنية في حدها الأدنى على الأقل أن لا ينزلق البعض في متاهات هذا التوجه، وإنما يكون الموعد المقبل لتأكيد إجماع شامل على أن هناك إرادة وطنية صادقة لمواصلة انجاز مسار الانتقال الاقتصادي واقتراح كل ما من شأنه أن يكون إضافة لتعزيز وتيرة النمو.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024