ثقافة الدولة ان تكون على قدر كبير من المسؤولية، مقتنع بما تقوم به، وما تمليه مهام الوظيفة السامية.. ان تؤدي عملك على اكمل وجه، ان يكون باب مكتبك مفتوحا للمواطنين باختلافاتهم، بالطبع مفتوحا هنا ليس مشرعا على مصراعيه، إنما ان تصغي بتؤدة وتدبر للحالات التي ترى فيك خلاصها عملا بالآية الكريمة {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}.
والي المسيلة الحاج مقداد، اخطأ في تعامله مع مأساة “عياش والجب”، فكلفه الاقالة من منصبه، لكن الرجل اثبت وهو يستجمع رحاله مغادرا “شطوط الحضنة وركائزها “انه متشبع بثقافة الدولة ومثل هذه الزلات تحدث وان كلفت صاحبها التنحي من المنصب، ابرق برسالة وهو يغادرها، وجهها للهيئة التنفيذية والمجالس المنتخبة، شاكرا كل من ساهم معه في اعادة الاعتبار للمنطقة، معترفا انها محطة منحته الكثير من الاشياء، لكن الحياة تأخذ غلابا، وهو سلوك لم نعهده في مسؤولين يغادرون مناصبهم.
ولاة كل من قالمة، أم البواقي، بومرداس، كمال عبلة، مسعود حجاج ومحمد سلماني، يصنعون الحدث، عبلة بعد استضافته عامل النظافة ومنحه عمرة من ماله الخاص، هاهو يلبي امنية طفل معاق، كان حلمه اتمام دراسته في ظروف جيدة، استجاب لطلبه وهو يتابعه عبر الفضاء الازرق، زاره في بيته رفقة اعضاء الهيئة التنفيذية محققا له امنيته، وهذا سلوك يثمن بالنسبة للإعلام الجواري الرقمي.
حجاج بعدما تبرع من ماله الخاص بتوفير الدواء لمواطن لجأ اليه شاكيا، قلة الحيلة والعوز وهو يعيل عائلة لا حيلة ولا قوة لهم، حرص على تزويده بالأدوية من اجرته الخاصة وضمان وصولها اليها، قام ايضا بتفقد عائلة كانت ضحية الموت الصامت، بأم البواقي زارهم في المستشفى مواسيا اياهم في مصابهم ومتكفلا بحالتهم،
سلماني يتخلى عن بدلته الرسمية، يرتدي مئزرا ويساهم في نحر عجل بمناسبة غرة يناير، وسط السكان في جو من النشوة والفرح، تصرف لم يعهده المواطن في ممثلي الهيئة التنفيذية، نماذج ذكرناها والأكيد ان مثلها الكثير والكثير ومنها ما يحدث في صمت، لذلك وجب الحديث عنها، وإظهارها كعينات تعيش الجزائر العميقة تفاصيلها، وليتعلم المتقاعسون، الناكرون للمعروف، ويعمل بها اصحاب الضمائر الحية.
